رئيس التحرير : مشعل العريفي
 مشعل السديري
مشعل السديري

طول النخلة وعقل الصخلة

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

وصف الرئيس التركي رجب طيب إردوغان فترة ولايته الثالثة كرئيس لتركيا بأنها فترة (الأستاذية)، مقتبساً من المعماري العثماني الشهير (سنان)، عندما كانت الدولة العثمانية في أوج تمكّنها القائم على المظاهر، متمثلاً في جامع السليمانية الذي صممه سنان ليصبح جزءاً لا تخطئه العين في إسطنبول. والآن يريد إردوغان أن (يتفشخر) ويسبغ على نفسه لقب (الأستاذية)، وبينه وبينها نفس المسافة ما بين العقل والجهل، وما بين التواضع والغرور، وهو الذي تسلم مقاليد الحكم في تركيا، وكانت تزهو بنجاحاتها وإنجازاتها على كثير من الأصعدة، ومن ذلك اليوم الذي (فحّج) فيه هو على الكرسي، بدأ العد التنازلي الكبير في كل المكاسب، ابتداءً من العملة التركية التي انحدرت بالنسبة للدولار إلى ما يقارب أربعة أضعاف، وانتهاءً بالسياحة التي جعلت الفنادق خاوية على عروشها، وبائعي (الشاورما) ينشون الذبّان. ولأنه يريد أن يزايد على المعماري العبقري، ها هو يقيم مسجداً على أعلى ربوة على الشطر الآسيوي ليتسع لنحو 30 ألف مصلٍ وتعلوه ست مآذن سامقات أطول من مآذن المسجد النبوي الشريف في المدينة المنورة. الرجل يريد أن يخلّد اسمه بأي طريقة مهما كانت، حتى لو أدى الأمر إلى أن يسف الشعب التركي التراب، ومن وجهة نظري فتخليد الاسم لا يكون بالخطب والشتائم وتطويل المآذن والألسنة، ولكنه بالعمل الصامت الناجح إلى جانب التواضع، فأين هو من رئيس البرازيل السابق (لويس سلفا)، أو رئيس الصين السابق (جيانغ زيمين)؟! وكل زعيم منهما نهض ببلاده وشعبه من دون (بروباغندا) وميكروفونات وخطب طويلة مملّة، وعلى فكرة فطول الزعيم الصيني العظيم المتواضع كان لا يزيد على (165) سنتيمتراً. ولدينا وصف فيمن لا يكون طوله على مقدار طول عقله، فنقول عنه: الطول طول نخلة، والعقل عقل صخلة. وبدون أن نخرج من نطاق تركيا، إليكم ما قالته وكالة أنباء الأناضول التركية من أن طفلة في الثانية لم تصب إلا بإصابات طفيفة إثر سقوطها من الطابق السابع، وقالت الوكالة إن سقوط الطفلة على الجليد خفف كثيراً من وقع الحادث. وقالت والدة الطفلة التي كانت في المطبخ عندما سقطت ابنتها، إنها صدمت عندما أعاد الجيران الصغيرة إلى المنزل بعد سقوطها. لا أريد أن أقول: إن عمر تلك الطفلة هو عمر (بسّة)، ولكن (ربي قدر ولطف)، وأتمنى أن يكون سقوط تركيا الحالي كسقوط تلك الطفلة، والله قادر على كل شيء.
نقلا عن الشرق الأوسط

arrow up