رئيس التحرير : مشعل العريفي
 مشعل السديري
مشعل السديري

المزاح الثقيل

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

قرأت (ريبورتا ًجا) عما يسمى (بالمقالب) ­ أي المزاح الثقيل٬ وهو (أبوخ) أنواع المزاح٬ وأنا لا أستسيغه٬ منها أنني في أحد الأيام كنت أمر من أمام عمارة تبنى ومكونة من ثلاثة أدوار٬ وعدد من العمال (يليسونها) من الخارج بالإسمنت٬ وكان هناك سلم من الخشب مسنودًا على الجدار لكي يصعدوا وينزلوا بواسطته بالدور الثاني٬ ولفت نظري خمسة من الشباب المستهزئين عندما قدموا متضاحكين٬ وخطف اثنان منهم السلم الخشبي٬ وهربوا به مبتعدين ثم رموه٬ وأخذوا يضحكون من تعابير العمال المعلقين الذين بدت على وجوههم ملامح الخوف٬ فما كان مني إلا أن أتدخل في الموضوع٬ وصببت جام غضبي على هؤلاء الشباب معنفًا إياهم٬ ويبدو أنهم ما صدقوا على الله أن أتاهم أن أطلق تقدموا نحوي والشرر يتطاير من عيونهم٬ وعرفت متأخرا أنني ورطت نفسي ووضعتها في مأزق وكنت بين أمرين؛ إماّ أحد مثلي ليتشاكلوا معه ويتخانقوا٬ وفعلاً ساقي للريح وأنفد بجلدي٬ وهذه وصمة عار في حقي٬ أو أن أتصدى لهم في معركة غير مضمونة النتائج٬ فهداني ربي سبحانه إلى أن أختار حلاً وسطا٬ حيث تظاهرت أمامهم (كاذبًا) بأنني مسؤول في المباحث بلباس مدني٬ وأعلمتهم أنني اتصلت لتوي بتليفوني الجوال على المكتب الرئيسي٬ والآن هناك سيارة منهم قد بعثوا بها وهي في الطريق إلينا٬ وزيادة مني في خداعهم وإشعارهم أن المسألة جدّية٬ طلبت منهم بشكيمة ولهجة شديدة أن يسلمني كل واحد منهم بطاقة أحواله٬ ويبدو أن الحيلة قد انطلت عليهم٬ فولوا الأدبار هاربين.
أعود لموضوع (الريبورتاج) الذي تقول فيه (إحدى المحررات): «إن من يمارسون المزاح بكثرة٬ خصو ًصا الثقيل منه٬ تكون حياتهم في الغالب فوضوية وتتسم باللامبالاة٬ فهم غالبًا لا يهتمون بالوقت وبمشاعر الناس٬ وهم يستخدمون الكذب أو المقالب وسيلة للإضحاك ليلفتوا الانتباه». وهذه الأخت قد أعادتني لوقت مضى٬ عندما كنت جال ًسا مع أربعة أشخاص أتفرج عليهم وهم يلعبون بالكوتشينة لعبة (البلوت) التي لا أعرفها.
ويبدو أنهم قد بيتوا لي أمًرا أجهله٬ لأن النور انطفأ فجأة٬ وساد الغرفة ظلام حالك٬ فقلت بصوت مرتفع انطفأ النور٬ فلم يرد علي أحد منهم واستمروا باللعب٬ وأسمع أحدهم يقول: (اكه)٬ فيرد عليه الثاني (حكم)٬ والثالث (سرا)٬ والرابع (صن) من المفردات التي لا أفقهها٬ وكل واحد منهم يضرب الورقة بالأرض بشدة.
وأنا متعجب منهم٬ وكلما صحت فيهم: يا جماعة إن النور منطفئ كيف تلعبون؟!٬ تضاحكوا وهم يقولون: سلامة نظرك٬ وأصابني بالفعل رعب عظيم وتخيلت أنني قد عميت.
وعندما تأكدوا أنني (قاب قوسين أو أدنى) من الإغماء٬ عطفوا علي وأشعلوا النور.
وقاطعتهم من ذلك الحين حتى الآن.
نقلا عن "الشرق الاوسط"

آخر تعليق

لا يوجد تعليقات

arrow up