رئيس التحرير : مشعل العريفي
 د. محمد العوين
د. محمد العوين

خذ أكلك معك على السعودية!

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

بدءاً من مطلع هذا الشهر فبراير اتجه ناقلنا الوطني الذي نعتز به دائما ونتمنى أن يكون الرائد الأول في المنطقة والعالم إلى تلبس حالة «التقشف» التي نمر بها في القطاعين العام والخاص والتي أصبحت عنوانا لكل إدارة وميدانا للتنافس أيها يستطيع أن يخصم أو يخفض أو يطرد وبابا واسعا للاجتهاد وللبحث عن التوفير بأية طريقة مهما كانت نتائجها السلبية على رضا العاملين وإنتاجيتهم.
في خضم موجة التقشف هذه اتجهت الخطوط السعودية - حسب ما نشرته صحيفة مكة بتاريخ 6 جمادى الأولى 1438هـ - إلى تخفيض في عدد الوجبات المقدمة لركابها ولأطقم طائراتها وإلى تغيير في نوعيتها على رحلاتها الداخلية والخارجية؛ بحيث لم يعد ممكنا لركاب الدرجة « السياحية « تناول وجبات كاملة ساخنة لمدة تزيد على عشر ساعات ؛ أي تلك التي تبدأ من الساعة 12 ليلا إلى 10 من صباح اليوم التالي ، ويكتفي الركاب المسافرون خلال هذه الساعات العشر من الرياض وجدة إلى خمس عشرة عاصمة أوربية قد تستغرق الرحلة في بعضها ثمان ساعات بوجبة «سناك بوكس» والمكونة من عصير وبسكويت وساندوتش بارد ، ويشمل هذا التقشف أيضا قائد الطائرة ومساعديه والمضيفين الذين حرموا من أن تقدم لهم حتى الساندوتش على الرحلات الداخلية ، كما حرموا أيضا من أن تقدم لهم أية وجبة ساخنة أو فواكه على الرحلات الأوربية من الساعة 3 فجرا إلى 6 صباحا.
ولأن الأمر جدٌ وليس هزلاً ، ولأن قضية « الضيافة » الممتازة التي كانت في الزمن الغابر عنوانا لـ«السعودية» أصبحت مع موجة التقشف مجرد ذكرى وبقية من بقايا تاريخ « السعودية » الذي كانت تتفاخر به ، وبما أن الخبر معلن ولا ملامة بعدئذ عليها بعد أن أصبح القاصي والداني يعلم بخطتها القادمة في تغذية ركابها؛ لابد أن يستعد أي راكب بوجبة تجهزها «أم العيال» في المنزل عند الرغبة في اختيار السعودية لأية رحلة أوربية طويلة تبدأ من منتصف الليل إلى الساعات الأولى الأربع من اليوم التالي؛ فلن يجد ركاب « السعودية » وجبتي عشاء وفطور ؛ بل « تصبيرة » باردة تشبه ما يتزاحم أطفال المدارس على شرائه من « مقصف » المدرسة ، وتصبيرة السعودية التي تشبه تصبيرة مقصف المدرسة الباردة البايتة تتكون من بسكويت بريال وعصير بريال أيضا وساندوتش بارد بريال ثالث ، وعلى الركاب الكرام الذين ترحب بهم الخطوط السعودية أن يعودوا إلى تذكر وجباتهم زمن الطفولة في مدارسهم ، وعليهم أيضا أن يحسنوا الظن بـ« السعودية » التي لا تريد أن تتخمهم بوجبات ساخنة ثقيلة آخر الليل وهم يستعدون للنوم في رحلات طويلة ، كما أنها تتعمد التخفيف في وجبتي العشاء والفطور سعيا منها إلى الحفاظ على رشاقة ركابها وخوفا منها عليهم من أن يستفحل فيهم داء السمن.
لقد استغنت السعودية عن وجبتين دسمتين هما العشاء والفطور واستبدلتهما بوجبتين خفيفتين لا تكلفانها إلا ستة ريالات ، وتناست أن تعود إلى خصم ما وفرته من وجبات محسوبة في التذكرة ؛ فأي عدل هذا ؟! وما الذي تقدمه السعودية أو يدعو إلى أن تكون الناقل المفضل لأبناء الوطن وهي تتجه اتجاها ينفر منها ويدفع إلى البحث عن خطوط دول خليجية شقيقة تقدم لركابها ألوانا من التدليل والرفاهية بسعر رخيص وخيارات متعددة وفيرة في الوجهات العالمية ؟!
مشكلة السعودية لا تدري أنها الأغلى سعرا والأقل وجهات والأفقر في التدليل والرفاهية ، مع أن الدولة - وفقها الله - وفرت لها أحدث الطائرات في دفعات متتالية لا زالت متواصلة ؛ إلا أن الإدارة تغمض عينيها عن حالة التنافس الحادة في المنطقة على كعكة الركاب ؛ وكأن الأمر لا يعنيها.
السعودية لا تستطيع أن تلبي لك رحلة غدا إلى جدة أو الرياض مثلا في الوقت الذي تريد ، ولا توفر لك الوجهة العالمية التي تريد ، ومع ذلك ترفع السعر وتتقشف في الضيافة!
ولا تنس - عزيزي المسافر - أن تجهز وجبتك في منزلك وتأخذها معك قبل أن تصعد سلم السعودية!
نقلا عن "الجزيرة"

arrow up