رئيس التحرير : مشعل العريفي

روسيا تجد التوسط للسلام في سوريا أصعب من الحرب.. ودبلوماسيون غربيون: قلنا لكم ذلك!

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

صحيفة المرصد-رويترز:عندما استعرضت روسيا قوتها العسكرية، غيَّرت مجرى الحرب الأهلية السورية، لكنها الآن تجد المرحلة التالية -وهي الوساطة لإنهاء القتال- أمراً أكثر صعوبة.
واختُتمت جولة من محادثات السلام السورية برعاية روسيا، الخميس 16 فبراير/شباط 2017، دون صدور بيان مشترك، وهو عادة الحد الأدنى لنتائج أي مفاوضات دبلوماسية. وشهدت المحادثات تبادل الطرفين السوريين للانتقادات بعضهم مع بعض ومع الوسطاء.
وفي ظل عدم تحقيق تقدم ملموس يمكن للصحفيين الكتابة عنه، كان ممثلو وسائل الإعلام في مقر المحادثات بكازاخستان، الجمهورية السوفييتية السابقة، متعطشين إلى أي أنباء، لدرجة أنهم تجمعوا ذات مرة حول شخص يتحدث باللغة العربية؛ ظناً منهم أنه أحد المشاركين في المحادثات، لكن سرعان ما اتضح أنه صحفي مثلهم.
وردَّ الدبلوماسيون الغربيون -الذين قالوا إن حملة الضربات الجوية التي يقودها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أدت إلى تفاقم الصراع- في أحاديثهم الخاصة تعليقاً على الصعوبات التي تواجهها روسيا في دور صانع السلام، بتكرار عبارة "قلنا لكم ذلك!".
واقترحت روسيا إجراء سلسلة من المفاوضات في أستانا، عاصمة كازاخستان، أواخر العام الماضي، متوقعة أنها -باعتبارها القوة الخارجية المهيمنة في سوريا عقب تدخلها العسكري- ستكون قادرة على كسر الجمود الذي استعصى على الجهود المتكررة للقوى الغربية الكبرى ووسطاء الأمم المتحدة.
انتكاسة
وبدأت مساعي روسيا للسلام مفعَمة بالأمل، حيث عُقد أول اجتماع بأستانا في يناير/كانون الثاني. واجتمعت الحكومة السورية وفصائل المعارضة المسلحة لأول مرة في 9 أشهر وجرى الاتفاق على تعزيز اتفاق وقف إطلاق النار الهش.
لكن بحلول الجولة الثانية من المحادثات هذا الأسبوع، ازداد الوضع سوءاً؛ فقد كانت المعارضة السورية تناقش حتى اللحظات الأخيرة مسألة حضور المحادثات من عدمه، قبل أن ترسل في نهاية المطاف وفداً أصغر وصل إلى عاصمة كازاخستان متأخراً يوماً عن الموعد المقرر لانطلاق جولة المحادثات.
وأدت العداوة العميقة بين طرفي الصراع السوري المتناحريْن والتناقضات بين الجهات المشاركة في رعاية المفاوضات إلى عرقلة جهود روسيا. ومن بين الرعاة، تركيا التي تعارض بشدة رئيس النظام بشار الأسد، في حين أن روسيا وإيران الراعية الثالثة للمحادثات تدعمان الأسد.
وقال بشار الجعفري رئيس وفد الحكومة السورية في المفاوضات الخميس، إن محادثات السلام في أستانا لم تصدر بياناً ختامياً؛ بسبب تأخر وصول المعارضين المشاركين وداعميهم الأتراك، ما أدى إلى تأجيل الجلسة المشتركة يوماً، ووصف التأخر بأنه "غير مسؤول".
وانتقد الجعفري أيضاً المعارضة وتركيا؛ لخفض مستوى وفديهما عن الاجتماع السابق.
وقال الجعفري في إفادة صحفية بعد المحادثات، إن تركيا لا يمكنها أن تُشعل النار وفي الوقت نفسه تؤدي دور رجل الإطفاء.
على الجانب الآخر، اتهمت المعارضة الحكومة السورية وإيران بانتهاك اتفاق وقف إطلاق النار بشكل روتيني، كما اتهمت روسيا أيضاً بالتقاعس عن فرض الاتفاق.
وقال يحيى العريضي أحد مفاوضي المعارضة، إنهم يعرفون أن الروس لديهم مشكلة مع أولئك الذين يضمنونهم، في إشارة إلى طهران وقوات الحكومة السورية.
خطوة بعيدة جداً
وقال مصدران -دبلوماسي فرنسي كبير، ومسؤول حضر المحادثات من دولة لا تشارك فيها بشكل مباشر- إن أحد الأسباب الرئيسية لتباطؤ التقدم هو محاولات موسكو توسيع المحادثات لتتجاوز وقف إطلاق النار ولكي تناقش الحلول السياسية للأزمة السورية.
وقال المفاوض الروسي ألكسندر لافرينتيف للصحفيين الخميس، إن موسكو عرضت على السوريين مشروع دستور جديد.
وأضاف أيضاً أن قوة المهام المشتركة بين روسيا وتركيا وإيران، المعنيَّة بمراقبة وقف إطلاق النار والمتفق عليها في أستانا في يناير، يمكن أن توسع أنشطتها في المستقبل لتشمل تسوية سياسية للأزمة.
لكن المصدرين قالا إن الأطراف الأخرى قاومت تلك الجهود؛ لأنهم لا يزالون يركزون أكثر على القتال على الأرض في سوريا.
وذكر أحد المصدرين أن إيران تريد مواصلة المكاسب التي حققها حلفاؤها في سوريا، بينما تصر تركيا على عدم السماح باقتراب أي أكراد من حدودها.
وأشار المعارضون أيضاً إلى أنهم يريدون أن تركز المحادثات على أمور عملية أكثر؛ مثل الضربات الجوية على الأراضي الخاضعة لسيطرتهم والتي يقولون إن روسيا تعهدت بوقفها، علاوة على إطلاق سراح السجناء.
وقال محمد علوش رئيس وفد المعارضة السورية للمفاوضات: "لم نأتِ إلى هنا من أجل اتخاذ قرارات سياسية غير صحيحة".
ببَّغاوات في أقفاص
حتى دولة كازاخستان التي تستضيف المحادثات، خفضت مستوى مشاركتها. فقد استقبل نائب لوزير الخارجية المندوبين بدلاً من الوزير نفسه الذي استقبل المشاركين في جولة يناير. وأرسلت المعارضة 9 مشاركين بدلاً من وفد ضم 15 شخصاً في الجولة السابقة.
وطوَّق المنظمون معظم منطقة بهو فندق ريكسوس مقر الاجتماع؛ كي يتمكن المفاوضون من الخروج لتناول الشاي أو القهوة على طاولات محاطة بنباتات وببغاوات في أقفاص.
وأخذ بعض سفراء دول بالشرق الأوسط يدخلون ويخرجون من قاعة المؤتمرات حيث كانت تجرى المحادثات وراء أبواب مغلقة، لكنهم قضوا أغلب الوقت في حانة الفندق رغم أنهم لم يشربوا أي كحوليات فيما يبدو.
وحضر مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا ستافان دي ميستورا الجولة الأولى من المحادثات، حيث شدد على ضرورة مناقشة عملية الانتقال السياسي في سوريا بجنيف وليس أستانا. لكنه لم يحضر الجولة الثانية، وبدلاً من ذلك سافر إلى موسكو لإجراء محادثات مع وزير الخارجية سيرغي لافروف.
وفي الأساس، وُصفت محادثات يوم الخميس بأنها اجتماع فني على مستوى منخفض. لكن رعاة المفاوضات رفعوا مستواها يوم الجمعة الماضي، ما عزز الآمال في إمكانية تحقيق تقدم حقيقي.
كان من شأن خروج المحادثات بنتيجة ناجحة أن يمنح روسيا انتصاراً كبيراً على مستوى العلاقات العامة مباشرة قبل محادثات تقودها الأمم المتحدة بشأن سوريا في جنيف يوم 23 فبراير.
لكن بدلاً من ذلك، أخذ المفاوض الروسي لافرينتيف يحاول تبرير أسباب انتهاء جولة المحادثات الأخيرة بهذه المرارة.
وقال لافرينتيف: "مستوى الريبة المتبادلة مرتفع جداً، وكانت هناك اتهامات متبادلة كثيرة.. لكني أعتقد أن علينا مواصلة التقدم كل مرة.. خطوة بخطوة."

آخر تعليق

لا يوجد تعليقات

arrow up