رئيس التحرير : مشعل العريفي
 علي القاسمي
علي القاسمي

لماذا ترضى الهيئة بأن تكون مستفِزَة؟

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

سيقف قراء العواطف عند حاجز العنوان وتنطلق من بعده وربما من قبله التصنيفات السريعة الطبخ من فئة ليبرالي/علماني/تغريبي/ عدو الدين، وما إلى ذلك مما سَهُلَ تناوله وكان دافعاً لتهيئة مجتمع معبأ بالسطحية ليتوثب للتصنيفات كلما طرأ خلاف، ويجيّش الرأي العام بالمخاوف ويسير في مربع واحد لا يقبل إلا مفردات التقديس والتبعية، وأن الخطأ يجب أن يصغر هنا مهما كان حجمه وضرره وإساءته وذاك طبعاً للوازم المرحلة وضرورات العمل التي حصرت في زاوية ضيقة جداً. لماذا يستفز الجهاز مجتمعاً بات يرفع ضده مؤشر الكراهية باستثناء من تقوده العاطفة البحتة إلى حب أعمى ولا يقبل أن نتناقش على طاولة مصغرة جوانب السلب والإيجاب؟ بل لا جوانب سلب مطلقة يمكن أن تخرج من هذا الجهاز على حد قناعة فئة الحب الأعمى، وهنا أستعيد جملة صديق لي حين قال: «أنتم تكبرون أية حادثة للهيئة وتصغرونها في ما لو كانت ضدهم». وأنا أعترف هنا بأنني كتبت مع هذا الجهاز داعماً ومشجعاً متى ما حضر بوسطية وعقل وتروٍ وستر، لكنني أقف ضده، إذا ما استند إلى العضلات وتصفية الحسابات والحيل البائسة. معضلة الجهاز الكبرى أن هناك من حده الشارع ويدعي انتماءه إلى الجهاز من نافذة الاحتساب، وينطلق في مصارعة ميدانية وملاحقة لا عقل فيها بذريعة أن إصلاح الناس والتجسس عليهم والتلصص على خصوصياتهم مهمته الوحيدة، ولا سيما إن كان يتكئ على تاريخ أسود، لأن هذه الطريقة الوحيدة لمسح التاريخ وإعلان توبته الصادقة. نحن بين خيارين فيهما من المرارة والوجع ما يكفي، فإما أن نقول إن الهيئة تواجه شعباً غارقاً في الانحراف الأخلاقي، وبالتالي فهي في مواجهة شرسة لا تقبل أنصاف الحلول، بل تتعدى إلى ضرورة البطش بالناس وفعل ما لا يفعله جهاز آخر بذرائع بين الشك واليقين، وتميل إلى الشك أكثر، وإما أن هذا الجهاز يوجد فيه أفراد يرون أنفسهم فوق المحاسبة والنقد والمساءلة والعقاب، هكذا بلا فهم أو بذريعة فتوى قديمة تنص على أنه لا يجوز أصلاً مقاضاة أعضاء الهيئة ولا سماع دعوى ضدهم، لينطلقوا في مشاريع عملهم بوصفهم المنفردين بحماية المجتمع، ومن لهم الحق بفعل ما يريدون في أية لحظة، وهم مدركون أن عقوباتهم ليست إلا رماداً يذر في العيون. أعود لأقول إن الهيئة لها إسهامات مجتمعية لا تنكر، ولكن الدفاع عنها وعن أخطائها، كما لو كانت مؤسسة ملائكية، دفاع مؤلم وباعث على كراهية متنامية، والتعامل مع أفرادها المتهورين أو أولئك الذين يحسبون عليها في شكل أو آخر في أنهم استثنائيون أمر مضحك جداً. على جهاز الهيئة أن يعترف بأنه جهاز طبيعي ويحوي بين دفتيه أفراداً متبايني السلوك والقدرات ومقبلين على مؤسسة دينية بفعل عاطفي ديني قوي على رغم أن فيهم من مَّر على تجارب المخدرات وأوراق الانحراف، وكيف تكون لصاً؟ والسلوكيات المنحرفة حد الخجل، لا بد من أن يعرف المجتمع ذلك، لا لشيء بل لئلا يظن البسطاء والعاطفيون جداً أن الدين محصور في شعار وأن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا بد له من كاريزما وسيارة دفع رباعي وقوة عضلية لا قوة وعي وفكر، ولي قبل أن أضع نقطة الختام أن أضحك وإياكم على من يستميت في الدفاع عن هذا الجهاز وهو يظلم ببشاعة ويكذب بعنف ويتردد عند مفهوم المواطنة وينادي دوماً بالسلوك السويّ. نقلا عن الحياة

arrow up