رئيس التحرير : مشعل العريفي

النصر والهلال

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

من الأسهل أن تكتب عن الجحيم على أن تكتب عن الكورة. تتجلى في الكورة الفلسفة التي طالما أودت بالعرب والمسلمين إلى المهالك. يا معي يا ضدي. ما أن تنكشف ميولك حتى يعرض عنك أعز قرائك ويفخر بك قراء آخرون لم يكن لك معهم علاقة سابقة من قبل.
أولا وقبل كل شيء أعلن ان علاقتي بالكورة قديمة قدم الدهر. سبق أن أكدت بأني أنتمى إلى جيل طقها والحقها. لم يبق لي من الكورة سوى المنافسة بين الهلال والنصر. لا أهتم بالدوري والبطولات وغيرها. تهمني مباريات الفرق الأخرى إذا كانت تقرر مصير أحد هذين الفريقين. هل انا هلالي أم نصراوي الجواب على هذا السؤال مسألة شخصية. بيد أن هذين الفريقين جزء من الوطن بالنسبة لي. اتابع اخبارهما كما اتابع الأغاني القديمة والصور القديمة والقصص القديمة. عندما أقول جزء من الوطن، ليس بالمعنى السياسي أو الإعلامي ولكن بمعنى الانتماء الحميمي. في مبارياتهما تظهر عواطفي المهجورة وأيام الطفولة والمراهقة.
عندما يلعب اليوم أي من الفريقين لا أشاهد اللاعبين الصغار. لا أرى ياسر القحطاني أو السهلاوي وغيرهما بل يتخايل لي على الفور النعيمة وابن مصيبيح والثنيان وسلطان بن نصيب، ومن الجانب الآخر ماجد عبدالله ومحيسن بن جمعان والهريفي، وتاريخ كبير قبل هذا بدأ منذ الطفولة ولم يتوقف أبدا.
كان المرحوم الأمير عبدالرحمن بن سعود يشتكي من قلة جمهور النصر. لكن هذا لم يثنه عن السعي لهزيمة الهلال بأي ثمن كأنما المرحوم جاء إلى الوسط الرياضي ليهزم الهلال فقط. بالفعل حقق نتائج كبيرة. من سخرية الصراع الكروي آنذاك أن أهدى الهلال (شقيقه) النصر جماهير (الرياض والشباب) بعد أن حطم الفريقين اشد أنواع التحطيم. منذ ذلك الزمن ارتبط جمهور النصر عاطفيا بكراهية الهلال. أظن ان هذا الارتباط أسهم في تخلف النصر عشرين سنة وفي نفس الوقت حافظ على بقائه رقما مهما في قائمة الفرق الوطنية. وجود النصر في قائمة الفرق الكبرى لا يعتمد على الإنجازات بقدر ما يعتمد على صراعه مع الهلال. (منذ عشرين سنة والهلال يهزم النصر والصحف تنفخ في حكاية ديربي الوسط).
إذا التفتنا إلى الحاضر اسمحوا لي أن اعبر عن سعادتي أن تلقى النصر هزائم من (شقيقه) الهلال في مبارياته الأخيرة. ما كان يمكن أن يحدث لو أن النصر فاز في واحدة منها. ستعود الكارثة إلى النصر وستجد الإدارة ما تخدر به الجماهير كما كانت تفعل دائما. لكن بهذه الهزائم سيخرج النصر كما يجب أن يخرج.
فريق يعاني من مشكلة داخلية لا علاقة للصهيونية بها. لن يجد جمهوره أو محبوه عزاء غير إعادة النظر في بنية النادي الإدارية. (أؤكد مرة أخرى بنية النادي الإدارية).
اعتادت إدارة النصر على مجموعة من الطروحات الإعلامية التي أسهمت في بقاء النصر في مصاف الفرق الكبرى صوريا ولكنها أسهمت في بقاء النصر عمليا في الصف الثاني من الفرق السعودية. النصر أفضل من استفاد من نظرية المؤامرة، وأكثر من تضرر منها. الحكام واتحاد كرة القدم والأمم المتحدة والصهيونية كلها تقف في وجه النصر. هذه المؤامرة التي لا تنتهي هي التي أبعدت النصر عن البطولات. هكذا عذر يبقى مقبولا ومعتادا تستخدمه إدارات الفرق لامتصاص غضب الجماهير وعندما تهدأ النفوس تبدأ الإدارات المسؤولة بمراجعة الأوضاع والبحث عن مخرج.
أما إدارة النصر فتضيف إلى هذا أن كل المنظمات وعلى رأسها الصهيونية العالمية هي التي أوصلت الهلال إلى ما وصل إليه. بهذا ترحل هاجس الهلال إلى نفوس جماهير النصر الجديدة وتنجو في الوقت نفسه بأخطائها التي سوف تكررها عاما بعد عام بعد عام. نقلا عن الرياض

arrow up