رئيس التحرير : مشعل العريفي

ما هي الجماعة العربية صاحبة "نظرية التطور" قبل داروين؟-صور

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

صحيفة المرصد-عماد البليك:تُعرف إخوان الصفا كجماعة سرية عربية غامضة عاشت في القرن الثالث، ويقال الرابع الهجري (من 334 إلى 373 هجرية)، كتبت رسائل شهيرة لا تزال مثار جدل إلى اليوم حول العديد من قضايا العقيدة و الفلسفة والعلوم والجدل الإنساني.
ووفقاً لـ"العربية نت"تعكس رسائل إخوان الصفا، وعددها 52 رسالة، بشكل عام، ما وصلت إليه الثقافة و العلوم في زمانها، لكنها في الوقت نفسه تحمل رؤيتها الخاصة لكثير من القضايا و الأفكار، بما فيها السياسية التي تم تغليفها داخل الفلسفة والمنطق وعلوم أخرى.
ويبدو أن حفاظ هذه الجماعة على سريتها يتعلق برغبتها في البقاء بعيدة عن السلطة، حتى لا تصطدم بها، في حين يقال إن أعضاء من الجماعة كانوا وزراء في الحكومة العباسية.
وقد اتجه إخوان الصفا في رسائلهم إلى منهج العقل المنفتح بعيدا عن التمسك بالنصوص، وانفتحتوا على التأويل وإعادة القراءة.
ما بين داروين وإخوان الصفا ويرى باحثون أن إخوان الصفا أطلقوا نظرية التطور التي نشرها داروين لاحقا، وحتى لو أن ذلك لم يقل بالشكل الحرفي كما طرحها عالم التاريخ الطبيعي والأحياء تشارلز داروين لاحقاً في 1882، لاسيما أن لغة ذلك العصر كانت مشبعة بالمجازات والاقتضاب في نقل المعنى.
وترى رفعة بنت هادي اليامي، مؤلفة كتاب "إخوان الصفا وخلان الوفا: نظريات التطور وفلسفة الوجود" بشأن نظرية التطور في فكر الجمعية، أن إخوان الصفا يرون أن "الموجودات خلقت في سلسلة متصلة، منفصلة بعوامل الزمن، ما عدا الكائنات العليا مثل الإنسان والقرد وغيرهم حيث خلقوا من الطين مباشرة".
فهم يرون أن "الإنسان آخر المخلوقات وجد بعد وجود الحيوان والنبات لأنهما مصدر غذائه، والحيوان خلق بعد النبات، لأن النبات مصدر غذائه، والنبات خلق بعد المعادن، لأنه مصدر غذائها، والمعادن وجدت بعد وجود الماء لأنه سبب تكوينه".
أفكار متناقلة عبر العصور هناك من يرى أن فكر إخوان الصفا لم يأت منبتاً عن علوم سابقة كما عند اليونانيين، بالإشارة إلى أن أرسطو وأفلاطون وغيرهما من فلاسفة اليونان تحدثوا عما سمي "مفهوم السلسة العظمى للكائنات"، غير أن ما طوّره إخوان الصفا يتعلق بالكلام المفصل حول القوى المؤثرة على الوجود والموجودات، كما لهم السبق في تحديد سبب اختلاف هذه الكائنات بتقسيمها إلى الهيولي (الخلية الأولى) القابلة لأي صورة، والهيولات الثانوية (الجينات) فلا يمكن لها أن تتحول من صورة لأخرى.
وهناك رأي عام بأن أفكار داروين بشكل عام ليست جديدة حيث إنها قيلت في الحضارات القديمة، وما يحدث أن الفكرة يتم تحويرها أو الاشتغال عليها لتظهر بشكل مختلف.
الحفاظ على سمو الإنسان في الفكر العربي والإسلامي عموما، كان أن طُرحت الأفكار حول تطور النشوء وارتقاء الكائنات بشكل أو بآخر عند ابن خلدون والقزويني في كتابه "عجائب المخلوقات" وفي "الحيوان" عند الجاحظ وغيرهم، لا سيما في مسألة تقسيم الكائنات إلى مراتب، وكانت تلك الفكرة مقبولة وسائدة.
وإذا كان إخوان الصفا قد أشاروا إلى نظرية التطور والارتقاء، إلا أنهم حافظوا على مكانة الإنسان السامية، رغم أنهم وضعوه في مرتبة الحيوان، لكنه "أشرف الحيوان".. "لأنه حيوان مميز وناطق ومنتصب، وهذا ما يجعل صورته أجمل الأشكال وأتم الصور".
وقد أكدوا على أن الإنسان يتكون من جوهرين، جوهر مادي يظهر في الجسد، وجوهر روحي متمثل في النفس، ودعوا إلى أن يرتقي الإنسان بنفسه ويهذبها حتى يصير "إنسانا كاملاً" ويخرج عن العالم الذي نشأ منه، عالم الحيوان، وأن تحقيق الإنسانية الحقة لا يتم إلا من خلال الروح والعالم الرمزي الذي يخلقه الإنسان، حسب رؤية إخوان الصفا.


arrow up