«أنجلزة» التدريس الجامعي "نعم" ولكن كيف ؟
ثمة حقائق تكاد تكون من المسلمات في مجال التعليم إذا ما أردنا تطويره والارتقاء به وبمخرجاته حتى تكون أكثر مواكبة لإيقاع عصرنا هذا المتسارع بوتيرة جعلت حتى الدول المتقدمة في كل المجالات تجري لاهثة في سباق القوة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية المحتدم هذا.. ولا يماري إلا مكابر في أن واحدة من هذه المسلمات التي لا تقبل الجدل ضرورة الاعتناء بمسألة اللغة الثانية في التدريس، على أن يتم التعامل مع هذه المسألة بمنتهى العقلانية والهدوء، وقد كتبت من قبل، وفي أكثر من موقع، بأن التغيير لا يعني بالضرورة التطوير، وكم من تغيير في عالمنا العربي الحديث قاد إلى نتائج كارثية، سواء على مستوى الأنظمة السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية والثقافية، وما ذلك إلا بسبب العجلة والغفلة والمقاربات السطحية والتقليد الأعمى والشعارات الزائفة البراقة تحت لافتات التطور والتغيير والتقدم، وما إليها من دعاوى تطلق بحماس ويقبل الناس تحت ظلها على تخريب مجتمعاتهم وخلخلة البنى الاجتماعية والقيمية فيها، وينعكس كل ذلك في عدم استقرار اجتماعي، وتروح النظم التعليمية التقليدية «في خبر كان»، ثم لا تحل مكانها نظم بديلة حقيقية تلبي احتياجات المجتمع ومستلزمات تقدمه ورقيه.
نعم إن «أنجلزة» تدريس بعض العلوم في جامعاتنا يعتبر ضرورة ملحة، فاللغة الإنجليزية هي اللغة العالمية الأولى بين اللغات، والعلوم العصرية تنتج باللغة الإنجليزية، ولذا لا مجال أمامنا، إذا ما أردنا أن نواكب الحركة العلمية في العالم من أن نقوم بتدريس هذه العلوم بلغتها التي أنتجت بها. ولكن السؤال الأهم من ذلك هو: كيف نفعل ذلك دون أن نلحق الضرر بالعملية التعليمية من أساسها، ونحصد بالتالي ما نسعى ونصبو إليه من نتائج، ومردود إيجابي ؟.