فاز الاتحاد .. ولم يعد

هل عاد الاتحاد للمنافسة؟ سؤال خالج أغلب المتابعين، بعد فوزه على الهلال في مباراة الفريقين البارحة الأولى، وهو سؤال يمكن الإجابة عنه مباشرة وفق الأرقام: نعم. أما وفق القدرات وشخصية الفريق البطل، فما زال الاتحاد يحتاج إلى الكثير، والكثير حتى يصبح بطلا للدوري، وهذا الكلام لا ينطبق على بطولة الكأس فيمكنه الفوز بها بالفريق الحالي، بكل عيوبه وميزاته.
.. ومن الإنصاف أن نقول إن اتحاد جدة تغير للأفضل مع مطلع الدور الثاني، لأسباب عدة، أولها وأهمها ابتعاد الرجل ماكينة الوعود الوهمية عن أسوار النادي، ومغادرة ربيبه المكروه من اللاعبين رفقته، فتحسنت الأجواء قليلا، مدعومة بالدعم المعنوي والمادي الواضح للشرفيين الثلاثة الجدد، كعكي والحائلي وعرابهما، يضاف إلى ذلك عودة المدرب القدير بيتوركا لسدة الرئاسة الفنية وهو العالم ببواطن الأمور في النادي، والمستوعب لقدرات اللاعبين الشبان الرائعين في صفوف الفريق.
.. مع عودة بيتوركا وابتعاد الذاتيين عن النادي، واقتراب اتحاديين نابذين للذاتية من المشهد الأصفر، عادت معايير حقيقية لتمثيل اللاعبين في القائمة الرئيسة، أصبح اللاعب الأفضل يشارك، الجاهز بدنيا ولياقيا وذهنيا يظفر بالمركز، على سبيل المثال عاد باجندوح وأحمد عسيري للقائمة الأساسية، وتكونت قناعة لدى المجموعة بنزاهة القرارات الفنية، وتجردها من الذاتية والمحسوبية وتراكمات الماضي المريب بكل تفاصيله.
.. ومن جديد، هل يمكن إغفال دور رئيس النادي في عودة شيء من شخصية النمر؟ للإنصاف أيضا ورغم عدم إعجابي بقدرات الرجل الذاتية المتواضعة التي لا تؤهله لقيادة فريق حارة، إلا أنه أصدر قرارين في غاية الأهمية، الأول شق به عباءة شقيقه وخرج منها كالفراشة بعد اليرقة الباحثة عن حياة جديدة، وعزم أمره وأعاد بيتوركا رغم كل المعارضات وأولها من شقيقه، ثانيهما أنه تعلم من مرحلة الوعود الزائفة فلم يطلق وعدا منذ نهاية الدور الأول، واختار الصمت وتولية الأمر لأهله متراجعا خطوات للخلف وسامحا لكثير من الاتحاديين المخلصين بالظهور على المسرح، وقد يقول قائل إن الحاجة ألزمته، وهذا صحيح لكنه لم يكابر.
.. في خضم هذه الفرحة الاتحادية، ربما يكون السؤال مزعجا، إن قلنا ماذا يحتاح الاتحاد الحالي ليحقق بطولة الدوري؟ أغلب الاتحاديين سيقولون: توفيق الله. وهذا توكل مطلوب ممدوح، ولكنه لا يكفي بدون العمل. الفريق الحالي نواة ممتازة لصناعة فريق منافس، ولم يكن الاتحاد يوما يشكو من قلة في المواهب حتى وهو يوقع مع أحد عشر لاعبا لم ينجح منهم أحد، بل كانت حاجاته دائما في نبذ الخلافات وتذويب الذاتية في الجماعية وتولية الأمر من يستحقه، ولذلك أعيد كلاما كتبته من قبل ولم يعجب الاتحاديين يومها” عليهم أن يعيدوا ترتيب الطموحات، وخفض سقف المطالبات في سوق الانتقالات، واليقين بأن زمن سيادة السوق ولى بلا عودة مع رحيل بن محفوظ وآل الشيخ”.
.. هل هناك خوف على الاتحاديين من الانتكاسة؟ نعم، لأن المتنفعين عادة يقتحمون مشاهد الفرح ويجلسون في الصفوف الأولى، ويطلقون رُسلهم في الاتجاهات بوعود جديدة تغذي ذاتهم فقط، وتمتص كثيرا من جهود رجال حقيقيين يعملون خلف الستار.
.. ليس جديدا أن يفوز الاتحاد على الهلال، ولن تكون الأخيرة، ولكن النظر إلى هذا الفوز بأنه عودة كبيرة لكبير جدة، فيه تقزيم كبير للكبير، فاز الاتحاد ولكنه لم يعد بعد، وخسر الهلال، وما زال في صدارة المشهد، وأظنه سيستمر كذلك. نقلا عن الاقتصادية