رئيس التحرير : مشعل العريفي
 أ.د. بندر الزهراني
أ.د. بندر الزهراني

أمن المملكة أولى الأولويات

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

لا شك أن إيران دولة محورية و ذات نفوذ أيدولوجي بجانب قوتها العسكرية و تنوع أذرعها الإرهابية، و هي في واقع الأمر تعمل بما يخدم طموحاتها السياسية و يحقق توجهاتها و أطماعها التوسعية، و هذا في عالم السياسة أمر متاح إذا ما استثنيت مسألة الإرهاب، و لكن السؤال المهم و الذي يلوح في الأفق باحثاً عن إجابة مقنعة و منطقية هو؛ أين المشروع العربي الند الذي من المفترض أن يتساوى مع المشروع الإيراني كماً و يخالفه كيفاً و اتجاهاً أو يتقاطع معه متى ما توافقت المصلحة!
قد يقول قائل نحن كدولة مسلمة تستمد منهجها و دستورها من الكتاب و السنة الصحيحة لا نسلك المسالك الإجرامية التي من شأنها قتل الأنفس و ترويع الآمنين و تهجير الشعوب و تدمير المدن، و هذا بالطبع مسلك حسن و توجه أخلاقي جيد، و نحن في المنطقة بالفعل نأتي على النقيض مع ما تقوم به إيران و تتخذه منهجاً لها و سلوكا، فنحن لم نسع يوماً لزعزعة الأمن الداخلي الإيراني و لم ننخرط بأي شكل من الأشكال في مؤامرات أو مخططات لتفكيك نسيجها الاجتماعي و مكوناتها العرقية، سواء أكان ذلك باستخدام العمليات الإرهابية المباشرة تمويلاً و تنفيذاً أو باستخدام القوة الناعمة، و هذا في الواقع يعكس مدى النوايا الحسنة التي نتحلى بها و الرغبة الصادقة في حسن الجوار و التطلع الحقيقي لتنمية و استقرار شعوب المنطقة.

إلا أن الأحداث الراهنة تنذرنا و بشدة بأنه بات لزاماً علينا إن أردنا البقاء و الاستقرار أن نواجه إيران بنفس أسلوبها و بطريقتها و في عقر دارها، و الناظر لحال إيران من الداخل يدرك تماماً أنها كدولة و كشعب آيلة للسقوط عقائدياً و عرقياً و اجتماعياً و كذلك اقتصادياً، حتى لو تظاهرت الحكومة الإيرانية بخلاف ذلك، و سيكون دورنا دوراً مهماً في تعجيل انهيارها و إحكام السيطرة على مسارها، يجب ألا نكتفي بانتظار سقوطها فقد آن الأوآن أن ننتقل من حالة المدافع المتوجس إلى حالة المهاجم المتربص.
في الحرب العراقية الإيرانية على سبيل المثال، نجد أن صدام تفوق عليهم تفوقاً لا بأس به حينما اتبع السياسة الإيرانية ذاتها فآوى رموز المعارضة الإيرانية آنذاك و تولى حماية مجاهدي منظمة خلق و قدم لهم كل أنواع الدعم و المساعدة، بل إنه تفوق على الإيرانيين و بلغ ذروة الإجرام و الوحشية عندما استخدم الأسلحة الكيماوية ضد جنودهم في أرض المعركة و ضد المدنيين العزّل في القرى الحدودية بين البلدين! نحن بالطبع لسنا دعاة حرب و لكن إذا قُرعت طبولها فنحن أهلها كما قال الأمير سعود الفيصل رحمه الله.
و منذ أن تقلد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان ابن عبدالعزيز حفظه الله مقاليد الحكم و هو يدرك تماماً بوعيه السياسي و حسه القيادي أنه لا محالة من المواجهة المباشرة للخطر الإيراني الذي أصبح يحوّط المملكة من جهاتها الأربع، و لذلك بدأ سريعاً بعاصفة الحزم التي كانت أبلغ رد و أصدق جواب لكل التحديات و العنتريات الإيرانية، و في إحدى حوارات سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان حفظه الله ذكر في معرض حديثه أن الحوار مع الإيرانيين مسألة تبدو صعبة و متعثرة و أن احتمالية نقل المعركة إلى الداخل الإيراني قد تكون هي الحل الأنسب.
و بنظرة سريعة لمشهد الأحداث الراهنة نجد أن المملكة و قيادتها قد نجحت بحزمها و عزمها نجاحاً باهراً و عظيماً في محاربة كل المحاولات التخريبية في الداخل و تمكنت ضمن تحالف دولي من اجتثاث داعش و أخواتها في الخارج، و قد آن الأوآن للتخلص من إرهاب و أذى إيران و من مليشيا حزب الشيطان و لو استدعى هذا الأمر استخدام القوة العسكرية. على إيران بل الكل أن يدرك أن أمن المملكة و استقرارها خط أحمر و أن ملوكها إن صمتوا فصمتهم عقل و حكمة و إن ضربوا فإن ضربهم هو الموت بلا أدنى شك.

arrow up