أمن المملكة أولى الأولويات
لا شك أن إيران دولة محورية و ذات نفوذ أيدولوجي بجانب قوتها العسكرية و تنوع أذرعها الإرهابية، و هي في واقع الأمر تعمل بما يخدم طموحاتها السياسية و يحقق توجهاتها و أطماعها التوسعية، و هذا في عالم السياسة أمر متاح إذا ما استثنيت مسألة الإرهاب، و لكن السؤال المهم و الذي يلوح في الأفق باحثاً عن إجابة مقنعة و منطقية هو؛ أين المشروع العربي الند الذي من المفترض أن يتساوى مع المشروع الإيراني كماً و يخالفه كيفاً و اتجاهاً أو يتقاطع معه متى ما توافقت المصلحة!
قد يقول قائل نحن كدولة مسلمة تستمد منهجها و دستورها من الكتاب و السنة الصحيحة لا نسلك المسالك الإجرامية التي من شأنها قتل الأنفس و ترويع الآمنين و تهجير الشعوب و تدمير المدن، و هذا بالطبع مسلك حسن و توجه أخلاقي جيد، و نحن في المنطقة بالفعل نأتي على النقيض مع ما تقوم به إيران و تتخذه منهجاً لها و سلوكا، فنحن لم نسع يوماً لزعزعة الأمن الداخلي الإيراني و لم ننخرط بأي شكل من الأشكال في مؤامرات أو مخططات لتفكيك نسيجها الاجتماعي و مكوناتها العرقية، سواء أكان ذلك باستخدام العمليات الإرهابية المباشرة تمويلاً و تنفيذاً أو باستخدام القوة الناعمة، و هذا في الواقع يعكس مدى النوايا الحسنة التي نتحلى بها و الرغبة الصادقة في حسن الجوار و التطلع الحقيقي لتنمية و استقرار شعوب المنطقة.
في الحرب العراقية الإيرانية على سبيل المثال، نجد أن صدام تفوق عليهم تفوقاً لا بأس به حينما اتبع السياسة الإيرانية ذاتها فآوى رموز المعارضة الإيرانية آنذاك و تولى حماية مجاهدي منظمة خلق و قدم لهم كل أنواع الدعم و المساعدة، بل إنه تفوق على الإيرانيين و بلغ ذروة الإجرام و الوحشية عندما استخدم الأسلحة الكيماوية ضد جنودهم في أرض المعركة و ضد المدنيين العزّل في القرى الحدودية بين البلدين! نحن بالطبع لسنا دعاة حرب و لكن إذا قُرعت طبولها فنحن أهلها كما قال الأمير سعود الفيصل رحمه الله.
و منذ أن تقلد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان ابن عبدالعزيز حفظه الله مقاليد الحكم و هو يدرك تماماً بوعيه السياسي و حسه القيادي أنه لا محالة من المواجهة المباشرة للخطر الإيراني الذي أصبح يحوّط المملكة من جهاتها الأربع، و لذلك بدأ سريعاً بعاصفة الحزم التي كانت أبلغ رد و أصدق جواب لكل التحديات و العنتريات الإيرانية، و في إحدى حوارات سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان حفظه الله ذكر في معرض حديثه أن الحوار مع الإيرانيين مسألة تبدو صعبة و متعثرة و أن احتمالية نقل المعركة إلى الداخل الإيراني قد تكون هي الحل الأنسب.
و بنظرة سريعة لمشهد الأحداث الراهنة نجد أن المملكة و قيادتها قد نجحت بحزمها و عزمها نجاحاً باهراً و عظيماً في محاربة كل المحاولات التخريبية في الداخل و تمكنت ضمن تحالف دولي من اجتثاث داعش و أخواتها في الخارج، و قد آن الأوآن للتخلص من إرهاب و أذى إيران و من مليشيا حزب الشيطان و لو استدعى هذا الأمر استخدام القوة العسكرية. على إيران بل الكل أن يدرك أن أمن المملكة و استقرارها خط أحمر و أن ملوكها إن صمتوا فصمتهم عقل و حكمة و إن ضربوا فإن ضربهم هو الموت بلا أدنى شك.