ماذا بعد حملة مكافحة الفساد !؟
دعوة رجال الأعمال إلى إستثمار أموالهم فى وطنهم بدلاً من توظيفها فى الخارج .ثمة سوء فهم لهذه الدعوة إعترى كثير من العقول عندنا ، فقد فهمها البعض على أنها دعوة لإغلاق الأبواب أمام رؤوس الأموال السعودية ، في الخارج والواقع أن الأمر ليس كذلك على الاطلاق...يدعونا إلى هذا القول بضع حقائق لا نظن أنها كانت تحتاج إلى مزيد بيان وتفصيل . أولى هذه الحقائق : أن رجال الأعمال فى وطننا لم يراكموا هذه الثروات فى الخارج ، وبالتالى فان ثرواتهم إنما بدأت ونمت فى هذا الوطن المعطاء ، بفضل الله بالطبع ، ثم بفضل ما بذلوه من جهود وعمل وكد . وثانيها : أن هذا البعض من رجال الأعمال إنما يشرفه ويرفع من رأسه ، أن يرى ويشهد أمواله تتحرك بحرية وحيوية فى وطنه ، الأمر الذى يشعره بالفخر . وإذا كان هناك من يخجل من حركة ثروته فى بلده ، فإنه ولا شك يعرف أن هذه الأموال هى من مصادر لا يشرفه أن يعرف الناس مصادرها ، وأنها أموال مشبوهة المصادر لا يحب للناس أن يروها ، ويتعرفون على مصادرها . أما إذا الإنسان على ثقة من مصادر ثروته ، فانه ولا شك سيكون فخوراً وسعيداً حين يراها هو ، ويراها الناس تتحرك بحرية فى مجالات إستثمارية واضحة أمام الجميع . ثالث هذه الحقائق : أننا ظللنا دائماً نردد ، ولن نكف عن الترديد ، بأن الناس مطالبون بأن يفرقوا دائماً بين اثنين . بين رجال الأعمال الحقيقيون واصحاب الأموال . إذ واضح فيما نظن أن الفرق بينهما يكمن فى أن رجال الأعمال هم أولئك الذين استطاعوا عن طريق العمل فى مختلف المجالات الاستثمارية تكوين ثروة . بينما اصحاب الأموال هم أولئك الذين آلت إليهم الثروة بطريقة أو أخرى ، ولم يبذلوا جهداً ما فى تكوينها . الفئة الأولى ، وهى فئة رجال الأعمال ، وبحكم نشاطهم الإقتصادى يحاولون دائماً البحث عن فضاءآت استثمارية جديدة ، ويحاولون دائماً البحث عن آفاق استثمارية جديدة . وإذا ضاقت السوق الداخلية المحلية عن مجال طاقتهم الحيوية فإنهم يتجهون برؤوس أموالهم إلى فضاءآت خارجية ، أى إلى الإستثمار الخارجى ، بما يضمن حركة رؤوس الموال هذه ، وليس فى هذا ما يعيب . لأن رؤوس الأموال هذه فى حال إستثمارها فى الخارج فإن فوائدها ستعود إلى هنا ، لأن أصولها من هنا . وهذا من شأنه أن يوسع شرايين الاقتصاد الوطني حين يضخ إليه دماءً جديدة من خارج حدوده ، ويساعد بالتالي فى فتح المزيد من آفاقه . إلا أن لهذه القضية وجه ظللنا نلح عليه ، وعلى التنبيه إليه كثيراً ، ويتمثل هذا الوجه فى السؤال : هل ما يتدفق فى شرايين إقتصادنا من إستثمارات القطاع الخاص هو كل ما نطمح إليه ؟ ، هل هو بالقدر الكاف ؟ . بمعنى آخر : هل يتناسب وإمكانيات السوق المحلية ؟ . أخشى أن الإجابة هى : لا . ولعل هذا هو مبعث دعوتنا رجال الأعمال إلى إستثمار أموالهم فى وطنهم بدلاً من توظيفها فى الخارج إلا أن هذا يجب أن يفهم على الوجه الصحيح ، أي على النحو الذى يجعلنا نفسح المزيد من الآفاق والفضاءآت أمام رأس المال الوطني ليستثمر فى أرضه .وأن هذا ، كما ظللنا نقول دائماً ، لا يمكن أن يتحقق إلا عبر حزمة من القوانين والنظم واللوائح المرنة ، المشجعة ، المغرية ، التى تستطيع أن تغرى رأس المال الوطني ليقبل على اللعب فى أرضه وبين أهله بشهية مفتوحة . فهذا ، فيما نظن ، هو غاية ما يطمح إليه رجال الأعمال الحقيقيون فى هذا البلد . !
لا يوجد تعليقات