رئيس التحرير : مشعل العريفي
 أ.د.صالح بن سبعان
أ.د.صالح بن سبعان

المعيارية والثقة الهلامية !

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

عوضاً عن معيار الكفاءة، وشروطه في غاية الوضوح والموضوعية، إذ أنها لا ترتبط بشخص المقيم وأهواؤه ، أو أهوائه الشخصية ، فهي تحمل بذور مقومات تقيمها سلباً أو إيجاباً في ذاتها منفصلةً عن شخص صاحبها.
فالمنجز العلمي والعملي يكفي وحده للحكم على من يراد تقيمه ، ولكن عوضاً عن هذا معيار يتم إعتماد معياراً آخر هو : الثقة !. وهذا معيارُ ضبابي ، وهلامي ، يفتقر إلى الوضوح والموضوعية. فما هذه الثقة ؟ وما هي معايرها ؟ وما هي شروطها ؟ ربما تثق في شخص لأنك تعجب بصفة أخلاقية فيه.. كأن يكون أميناً، أو صادقاً ، أو ملتزماً ، وما إلى ذلك. ورما تثق في شخص آخر لخصيصية في شخصه، كأن يكون خفيف الدم والظل، مرح ، أو ان يكون مجاملاً لأقصى الحدود، و هو ما يسمى في الواقع مداهناً. أو ربما تثق في شخص أو تعطي شخصاً ما ثقتك، لأنه ينافقك، ويوافقك الرأي في كل الأحوال، ولأنه يسمعك ما تريد أن تسمع عن عظيم إيجابيات تفكيرك ورجاحة عقلك، او لأنه يسمعك ما تريد ان تسمع عن نفسك وقراراتك موافقك ، وأفكارك.
ولكن هل هذا هو المعيار الصحيح الذي يجب أن يعتمد عند تقيم أستاذ جامعي بغرض تحديد المهام التي يراد إسنادها اليه ؟.
وبما أن الإنسان بطبعه يعاني من الضعف ، ولا يميل إلى سماع ما يكره عن نفسه وقدراته، والطعن في حكمته وعدالته، فإن من يحظى بالثقة في غالب الأحيان هو ذلك الشخص الذي لا ينتقد القرار الخاطئ، أو الذي يبدي رأياً سلبياً حول قرار ما. والنتيجة الطبيعية لذلك هي تراكم الأخطاء، والقرارات التي لا يسندها منطق، تفتقر إلى الموضوعية والدراسة.
والحل هو إعادة الاعتبار والعمل بمعيار الكفاءة والخبرة عند إسناد المهام الإدارية الأكاديمية داخل الجامعة. إذ أن غياب معيار الكفاءة والعطاء العلمي، واعتماد مبدأ الثقة وهي من مداخل النفاق والرياء المداهنة، قد أفقد المناصب الجامعية قيمتها وهيبتها العلمية، والتي تستمدها من ضلوع شاغلها في العلم والعطاء العلمي.

arrow up