تطوير الذات الداعشية
كانت شنيعة تلك الصور التي نشرت للإرهابيين الستة الذين غدروا بابن عمهم الأعزل لأنه من منسوبي الأمن الذين لقنهم أساطينهم أن أفضل قربى إلى الله هي استهدافهم حتى لو كانوا من أقرب الأقربين، شباب مجندلون في الصحراء عفر أجسادهم التراب المخلوط بدمائهم بعد ٢٥ يوما من جريمتهم النكراء، وبعد أن قرروا المضي في طريق العدم وهم يعرفون أنهم لا محالة سيقعون في قبضة الأمن. كانت شنيعة لأنها تمثل نهاية عبثية أرادوها لأنفسهم حين فجر الرصاص رؤوسهم في مواجهة حتمية، لكن الأشنع منها منظر ابن عمهم وهو يتلقى زخة الرصاص الغادر والكاميرا توثق الحدث كي يكون لبيانهم مصداقية، ولكي يباركهم خليفتهم الذي لم يشاهدوه قط ولا يدرون إن كان حقيقة أو كذبة. المفارقة أن رحلة الهروب كان بعض وقتها مشغولا بكتب تطوير الذات ولغة الجسد والبرمجة اللغوية العصبية لمؤلفين من غير المسلمين، الكفار الذين يصبون لعناتهم عليهم ويقرؤون كتبهم في خلواتهم. عجيب جدا أن يفكر إرهابي قاتل مطارد في تطوير ذاته وزيادة معلوماته وهو يعرف أن الموت يحيط به من جانب. تصرفات لا يمارسها سوى عقل مغيب تماما يعيش عالمه الوهمي الخاص، هي أقرب إلى تصرفات الغارقين في هلوسات المخدرات الثقيلة الذين يصنعون عالمهم الخاص المنفصل عن عالم البشر الطبيعيين، فأي ذات كان يريد الداعشي تطويرها وهي مثقلة بذنب تهتز له السماوات والأرض، وأي أجساد يريد قراءة لغتها وهو يتعامل معها بلغة الرصاص والحزام الناسف. هذا التحول في صناعة الإرهابي من شخص بسيط مغسول الدماغ إلى إرهابي يريد تطوير ذاته، ومن وحش يستهدف البعيدين إلى مسخ منزوع الحواس والشعور يخطط وينفذ تصفيات داخل أسرته، يحتاج منا أيضا تحولا في تفكيك هذه الظاهرة والسيطرة عليها. نقلا عن عكاظ