رئيس التحرير : مشعل العريفي
 فهد عامر الأحمدي
فهد عامر الأحمدي

المهنة: طارد عفاريت

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

في عام 2001 استعانت بلدية إدنبرة بالدكتور رتشارد وايزمان (خبير الظواهر الخارقة من جامعة هرتفوردشير) لحسم الأمر نهائيا.. وهو التأكد من وجود أشباح في قلعة المدينة القديمة..
وهذه القلعة تقع خارج العاصمة الاسكتلندية وتشتهر بوجود الجن وحدوث ظواهر غريبة فيها؛ فقد توالت التقارير عن رؤية أطياف مضيئة، وسماع وقع أقدام، وأطفال يظهرون ويختفون فجأة.. واستجاب للدعوة الدكتور وايزمان الذي نظم تجربة شارك فيها 250 طالبا تم اختيارهم على أساس تفوقهم العلمي وتمتعهم بعقلية انتقادية محايدة.. ومع هذا أفاد 110 منهم أنهم شعروا بوجود الأشباح والتقط بعضهم صورا لهالات ضوئية غريبة. وتم تعزيز هذه الشهادات بواسطة أجهزة القياس التي رصدت وجود تغيرات كهربائية وفيزيائية توافقت مع رؤية الأطياف الغريبة (حسب صحيفة الجارديان في17 ابريل 2001)!!
وبصرف النظر عن النتيجة أرى في التجربة ذاتها محاولة تسويق سياحي مبطنة بثياب العلم.. كما أعتبرها أنموذجا للمهن والتخصصات الغريبة التي لم يعد يستهجنها أحد في الغرب، تماما كما لا يستهجن أحد لدينا وجود متخصصين في طرد الجن والشياطين من أجساد المؤمنين..
أذكر أنني قرأت تقريرا يفيد بأن 70% من الوظائف التي نزاولها اليوم لن تكون موجودة في عام 2030.. فالتطور المعرفي والتقني السريع خلق وظائف جديدة وقضى على أخرى قديمة وأتاح لقطاع أكبر من الناس ممارسة أعمالهم من منازلهم..
ورغم هذا أعتقد أن هناك استثناء يتعلق بمهن الشعوذة والخوارق والعزف على مشاعر الناس.. فهو قطاع مهني وأزلي كان موجودا قبل أن يطلب سحرة فرعون أجراً لخداع الناس (قالوا إن لنا لأجراً إن كنا نحن الغالبين).
وتأتي معظم أرباحه من ادعاءات فك السحر، وطرد الجن، وتفسير الأحلام، وإبطال الأعمال الشريرة..
وبطبيعة الحال لا يقتصر الوضع على بلد دون بلد، أو أمة دون أمة، كونها مهناً أزلية تعتمد على هموم بشرية أصيلة.. ما يدهشني بالفعل أن يتم تبنيها من قبل مؤسسات علمية أو مهنية محترمة (كما فعلت بلدية إدنبرة).. فقبل فترة مثلا أعلن معهد الأبحاث النفسية في لوس انجلوس عن تنظيم دورة تدريبية للعمل في مهن عجيبة مثل طرد الأرواح، ومكافحة الأشباح، وتحضير القرين، والعمل كمرشد سياحي في الأماكن المعروفة بتواجد الأشباح فيها.. وحسب الإعلان الذي نشر في صحيفة "لوس انجلوس تايمز" سيعمد المعهد أولا إلى إجراء اختبارات للترشيح لاستكشاف أي موهبة خارقة محتملة لدى الطالب قبل قبوله في الدورة، ثم منحه شهادة رسمية لمزاولة مهنة من هذا النوع!
.. ومثل تجربة إدنبرة (التي أصبحت القلعة بفضلها موقعا سياحيا مهماً) أرى في إعلان المعهد تجاوبا اقتصاديا ذكيا مع إيمان الناس المتزايد بالظواهر الخارقة.. فمن الملاحظات المحيرة تزايد نسبة المصدقين بالسحر والشعوذة ووجود الأشباح وتلبس الأرواح في أميركا، بدليل الكم الهائل من الأفلام والمسلسلات والكتب التي تعزف على هذا الجانب.. وهذا الأمر استدعى بدوره ظهور كم هائل من المؤسسات والشركات التي تقدم خدمات مهمة في هذا الجانب.. فمواقع وهواتف الاستشارات النفسية الخارقة أصبحت اليوم تتقاسم أرباحها مع شركات الاتصالات والانترنت المعروفة.
وهناك مؤسسات علمية رصينة أصبحت تقدم استشارات تخليص البيوت من الأشباح والأرواح المسكونة، ومن كان يعمل في تخليص البيوت من النمل والصراصير أضاف لخدماته تخليصها من الأشباح والأرواح الشريرة..
.. أنا شخصيا لا أراهم يختلفون كثيرا عمن يمارس نفس التخصص في مجتمعنا المحلي.. الفرق الوحيد أنهم في الغرب يحاولون إلباسها ثيابا علمية فيزيائية، في حين نحاول نحن إلباسها ثيابا شرعية دون تذكير الضحية بإمكانية تحصين نفسه مجاناً بقراءة "المعوذتين" و "آية الكرسي"..
نقلا عن الرياض

آخر تعليق

لا يوجد تعليقات

arrow up