رئيس التحرير : مشعل العريفي
 أ.د.صالح بن سبعان
أ.د.صالح بن سبعان

قصة غسل الصكوك وكيف تتم؟

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

أجيبك: بعض اصحاب النفوذ من اصحاب الأموال – لا الأعمال- يقومون بتوظيف أموالهم للاستيلاء على أرض ربما تكبر مساحتها بشكل هائل، يزرعون فيها بضع شجيرات ويؤجرون عمالا لتشجيرها وتغيير ملامحها فتبدو كما لو كانت ملكا خاصا بهم أي تصبح كأنها ضمن أملاكهم الخاصة فلا يجرؤ أحد على منازعتهم فيها. وبعد قليل يعرضونها للبيع على هذا الأساس. حسنا، أين يأتي محك هذه العملية؟
يأتي المحك في لحظة بيع القطعة. لأن الأرض ملك للدولة، وهي الوحيدة المخولة وفق الشرع بالتصرف فيها منحا أواستغلالا وتوظيفها بما يضمن المصلحة العامة.
أسئلة بلا إجابة، وهنا مربط الفرس، لأنك إذا أردت بيع أرض أو عقار فإنك مطالب بأن تثبت أن هذه الأرض أو العقار ملك خاص بك أولا ، هنا تدخل الأموال والرشى واستغلال النفوذ والفساد الإداري، حيث يغسل الصك الفاسد، والمزيف، وغير الحقيقي ليصبح صكا حقيقيا.
في هذه العملية تتم عملية تقنين لشيء غير قانوني. وشرعنة شيء غير شرعي في الأصل، كيف يتم هذا الأمر الخارق؟تسألني.
فأجيبك: إنه يمكن أن يتم عبر بعض المسؤولين ورؤساء الدوائر الحكومية؟ تسألني: من هم وما مواقعهم؟ لا أسمح لنفسي بالإجابة عن أسئلة مثل هذه وإن كنت أملك الإجابة، لأنني لا أسعى إلى التشهير بأحد أو اتهام أحد، ولا من أجل هذا أكتب ما أكتب. ولكنهم مبثوثون في أي زاوية لا يمكنك توقعها. وهذا شيء يدعو للدهشة فعلا.
ولكن دعنا نتأمل نتائج هذه الظاهرة. إنها أولا تشيع السلوك الإداري الفاسد في مفاصل هياكل الدولة الإدارية. كما أنها ثانيا تعمل على ترسيخ بعض القيم المشوهة لنهج الدولة التي أرسيت دعائمها على النهج الإسلامي القويم. وهي ثالثا يمكن أن تعطي لبعض المنحرفين عن النهج الإسلامي القويم المبررات لأعداء الوطن الظاهرين والباطنين للإساءة لأمتنا ووطننا وولاة أمرنا. وهي رابعا تعكس صورة مغايرة لتوجهات ولاة الأمر في هذا البلد الذي تقوم أسسه على العدل.
طرق الفساد المسدودة:
تسألني كيف يفعلون ذلك؟ عن طريقين هم يفعلون:
فهم أولا يستغلون قاعدة في الشرع الإسلامي بأن إحياء الأرض تؤول. ملكيتها لمن يفلحها، وهي ما اتفق عليه فقهاء الأمة وفق قاعدة إحياء الأرض وهم إذًا يقومون باستغلال الشرع لتبرير ظاهرة غسيل الصكوك. وهم ثانيا يستغلون نفوذ بعض المسؤولين في دوائر أو إدارات الدولة لتنفيذ عملية غسيل الصكوك وتحت تلكم المظلة الشرعية، ولكن بطرق غير شرعية.
شخصيا حاولت بمختلف الطرق، سواء عن طريق المحاضرات والكتابة العامة، التنبيه إلى هذه الظاهرة، وسأظل أحاول ذلك ما دمنا نعيش في وطن تظله راية الشرع الإسلامي الحنيف وتقوم دعائمه على العدل، وطالما ظل ولاة أمره ساهرين على ترسيخ هذه المبادئ والقيم الإسلامية الخالدة والباقية والدائمة، التي يجب أن نسهر جميعا من أجل الحفاظ عليها.

arrow up