رئيس التحرير : مشعل العريفي
 خالد السيف
خالد السيف

«داعش» .. قل هي من عند أنفسكم..!! (2-2)

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

أصدقكم القول: إنه لا شيء يعيبنا غير «التّملص» من المسؤولية في محاولاتٍ نبذل لها قصارى الجهد لإلقاء التبعية على أقربِ مذكور كلّ بحسب «الأيديولوجية» التي ينطلق منها في تشخيصه لـ «ظاهرة داعش»، ولئن تباين المنظّرون في التشخيص تبايناً ظاهراً فإنهم بالضرورة متّفقون على آليةٍ واحدة وهي: أن ينحو باللائمة على «سوانا» فيسلكون بذلك كلّ السبل التي تنتهي بهم إلى منتهى «الراحة» ابتغاء إدانة «الآخر» سيان أكان هذا «الآخر» بعيداً عنا «تأريخياً» أو «جغرافياً» أو كان مستتراً في «قوى خفية» نسمع بها غير أنه من المتعذر أن نبصرها فضلا عن أن نبوح بها!! كلّ ذلك تفتقت عنه «عقليتنا العربية» (تخلّصاً من مشاق مؤنة البحث المضني والدراسات العميقة) و(إيثاراً للكسل والنوم في العسل) و(طلباً لحياة مسترخية هانئة لا شغل يُكدر رغدها) وخشيةً من تعرية «النقد الجاد» لذواتنا ما يكشف عنا سوءاتنا وتمحورنا حول عبادة «ذواتنا» الذي يتمثّل في السعي على الحفاظ على مكتسباتنا الشخصية!! وبكل فإنّ من جملة الأسئلة التي رافقتني منذ اللحظات الأولى التي بزغ فيها «نجم داعش»؛ إذ جُعل منه لاعباً رئيساً في سياسة كبرى لها ما بعدها من حالات الخذلان/ والهوان التي تنتظرنا لاحقاً، وأحسبنا قد شهدنا مقدمات ذلك الخزي وعلاماته.. المهم أنّ من هذه الأسئلة التي صاحبتني منذ تلك اللحظة ما أختصره بالتالي: * هل إنّ «داعش» على الحقيقة تمتلك رؤية كاملة/ وواعية عن مشروع «الخلافة» الذي تُقدم نفسها من خلاله؟ أم إنّ في مصطلح «الخلافة» جاذبية لا يقاوم إغراءها حدثاء الأسنان/ ومراهقو التفكير؟! * وهذا النموذج من صورة «الخلافة» التي تسعى داعش لبسطه بالأدوات التي اختارتها هل إنها تستمده استلهاماً من أدبيات «أهل السنة» أم إنه استلهامٌ لـ «فكرة خارجية» محضة؟! * إلى أيّ مدىً اختلفت «داعش» أو اتفقت في نموذجها السياسي الذي تقدمه اليوم في إدارتها لشؤون «دولتها/ خلافتها»!! مع ما جاء مسطوراً في كثيرٍ من كتبنا المعنونة بـ «الأحكام السلطانية» أو ما كان منها من قبيل المصنفات التي تحمل عناوين «السياسة الشرعية»؟! تبقى لي من القول: التأكيد على أني حفيٌّ كأي منصف على تبرئة «تراثنا السني» من جرائم «داعش» وما أساءوا بها إلينا ديناً/ ومجتمعاً غير أنّي لا أراني أحيد عن الصواب ساعة أن أقول إنّ تراثنا/ وتاريخنا ليس «وحياً» ما يعني أنّه ليس مقدساً كما هو شأن الكتاب/ وصحيح السنة.. ولئن كان الأمر كذلك – وهو كذلك – فإنّ إعادة قراءة تراثنا بعيون ناقدة ابتغاء تخليصه: 1. من وضر ما طاله من أذى اجتهادات «أفراد» لا عصمة لهم. 2. تنقيته مما لحقه من أفعالٍ تأريخية مشينةٍ عنوانها الرئيس «الدم»! وهي ممارسات تأريخية كانت في مجملها خاضعة لمعطيات ذلك الزمان وتقلباته؛ إذ السياسة حاضرة في كلّ تفصيلة على نحوٍ مأزومٍ وظّفت فيه السياسة «الديني» لتحقيق مآربها!! هامش: ما أحسبني بكبير حاجة لتذكير القارئ بالمنهج القرآني المبسوط في أكثر من آية، وهو يؤكد على وضع النفس في «قفص الاتهام» والكف عن إدانة «الآخر» ولنتلو مثالا على ذلك هذه الآيات البينات: * «أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُم مِّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّىٰ هَٰذَا × قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ» * «وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ × وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلَّا أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي × فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنفُسَكُم». وآياتٌ على هذا النحو في المعالجة امتلأ بها القرآن المجيد. تذكروا أنّ ما ينقصنا ليس شيئاً بل أشياءٌ من «الشجاعة»، وكثير من الإنصاف ينضاف إليهما الصدق والإخلاص والعمل الدؤوب. ولننفض عنا أردية الكسل وأغطية التعويل على «الآخر» في أن يقوم بكشف عيوبنا بالنيابة عنا.! نقلا عن الشرق

arrow up