رئيس التحرير : مشعل العريفي

سفير أمريكي سابق يتساءل: ‘كيف أوجد أوباما فراغاً في الشرق الأوسط؟!‘

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

صحيفة المرصد:يدرس السفير الأمريكي الأسبق وزميل معهد واشنطن “دينيس روس” في مقالة له بعنوان “كيف أوجد أوباما فراغاً في الشرق الأوسط” نُشرت على موقع المعهد ما يسميها الخيارات التي كانت ولا زالت مطروحة أمام الرئيس أوباما حيال “المعضلة السورية”، مشيراً إلى أن”هناك عدة خيارات أتيحت للرئيس على مدى الأعوام الخمسة تقريباً للحرب السورية الداخلية حول طريقة الرد الأمريكية ولكنه آثر في كل مرة الاكتفاء بالحد الأدنى”.ولفت روس إلى ما أسماه ” تلافي الرد الغريزي الأول للرئيس أوباما”على تعامل الأسد تجاه دعوات الإصلاح بالقسوة والتشدد لتتحول بذلك التظاهرات السلمية إلى انتفاضة، إذ أنه نظر أوباما إلى سوريا ورأى فيها سبيلاً للتورط في صراع متواصل آخر في الشرق الأوسط حيث سيكون تورط الولايات المتحدة مكلفاً ولا يوصل إلى شيء لا بل قد يزيد الطين بلة.ونوّه “دينيس” في مقالته إلى حيرة أوباما من بين التدخل الأمريكي في التأثير على “الحرب الأهلية السورية”، من عدمه وتساؤله عما ستؤول إليه الأمور من جرّاء هذا التدخل المحتمل، وفيما يبرر روس لأوباما هذا التساؤل يرى أن الرئيس الأمريكي أغفل طرح السؤال الملازم له وهو: “أخبروني ما سيحدث إذا لم نتصرف”، لافتاً إلى أن أوباما “لو عرف أن الامتناع عن التصرف سيوجد فراغاً تقع فيه كارثة إنسانية وأزمة لجوء مروعة وحرب بالوكالة متفاقمة ويتنامى فيه تنظيم الدولة الإسلامية داعش” في العراق وسوريا، لربما اختلفت ردوده” .وهذه الرؤية الاشبه بعملية التبصير أو التنجيم قاصرة ولا تنطبق على ما اعتادت أمريكا التخطيط أو القيام به، رأينا ذلك في أفغانستان والعراق وليبيا وغيرها من بؤر التوتر التي أشعلها العم سام وترك شعوبها تتحارب ويفني بعضها بعضاً.ورغم ذلك يصرّ روس على القول إن “العراق خطأ فادح” وأن “أوباما رُشح ضد هذا المسار وانتُخب ليخرج الولايات المتحدة من حروب الشرق الأوسط لا ليدخلها فيها”.وأشار زميل معهد واشنطن إلى أن “الخطأ الذي ارتكبته امريكا هو سعيها إلى تغيير النظام في العراق بدون استيعاب الفراغ الذي قد تحدثه وكان من الخطأ الدخول في حرب بدون خطة جدية ومدروسة بعناية لما يلزم من أجل إحداث انتقال معقول، بما يستلزمه ذلك من قوات برية لازمة على الأرض- من الجيش والشرطة ككل- لضمان الأمن وسبل إرساء الحكم” .وأوضح دينييس أن “أمريكا لم تفكر ملياً بعواقب إطلاق العنان للصراع الشيعي- السني، هذا الصراع الذي قد لا ينحصر بالعراق فقط– في إشارة إلى الوضع في سوريا”.وألمح “روس” إلى أن “المسألة السورية مختلفة فهي ليست عبارة عن اجتياح أمريكي لدولة ما، إنما هي انتفاضة داخلية ضد قائد مستبد. وقد عمد الأسد إلى جعلها صراعاً طائفياً معتقداً أنه لن يتخطاها إلا إذا اعتبر العلويين وغيرهم من الأقليات أن بقاءهم من بقاء الأسد” ولكن–كما يقول- سرعان ما تحولت بعد ذلك إلى حرب بالوكالة تقف فيها المملكة العربية السعودية وتركيا إلى حد كبير ضد إيران. ولم يحدث الفراغ بسبب قيام الولايات المتحدة باستبدال نظام الأسد بل بسبب ترددها في فعل ما هو أكثر من التصريحات- فعلياً بسبب إفراط واشنطن في تعلم الدروس من العراق.”وإذا بهذا الفراغ- كما يوضح- يُملأ من قبل أطراف أخرى، هي إيران و«حزب الله» والمليشيات الأخرى العاملة بوكالة إيرانية من جهة، والمملكة العربية السعودية وتركيا وقطر من جهة أخرى، بالإضافة إلى «تنظيم الدولة الإسلامية».وما لم تتخذ الولايات المتحدة الآن خطوات إضافية لسد هذا الفراغ، سيخرج الوضع عن السيطرة بشكل أكبر. لاحظ أن دينيس لم يشر إلى التدخل الروسي السافر في سوريا، لكنه يفسر تفاقم الفراغ الحاصل في سوريا بسبب الإحساس بتقلص دور الولايات المتحدة في المنطقة، مما أوجد فراغاً أكبر فتح المجال أمام نشوء المنافسة المتزايدة بين إيران والسعودية.ويرجّح دينيس أن تؤدي المنافسة السعودية- الإيرانية إلى التصاعد بحيث تصل إلى الصراع المباشر، ولكنها–بحسب قوله “ستدفع الطرفين إلى النظر إلى الحروب الجارية بالوكالة كحروب لا ربح فيها ولا خسارة. وبالتأكيد سيكون من الصعب على كليهما القبول بالتراجع في سوريا”.وكمن يتحدث عن لعبة أحجار الدومينو التي برعت الولايات المتحدة في لعبها طوال العقود الماضية رأى السفير الأمريكي السابق أن “على أمريكا أن تعلم العوامل التي تولدت منها هذه الصراعات- من قد يقاتل فعلياً، وأين، وما هي حوافزهم، وما الذي قد يحتاجونه من واشنطن، وما إذا كانوا يعتقدون أن الولايات المتحدة ستقف إلى جانبهم، وما إذا كان لها أو لغيرها تأثيرٌ عليهم”.وأضاف أنه على واشنطن تقييم نطاق الخيارات العسكرية المتاحة أمامها، وعليها أن تحذر ممّا يسميه البنتاغون “تمادي المهمة إلى ما بعد أهدافها الأصلية”، وهو أمر يمكن أن تتجنبه الولايات المتحدة بدرجة أكبر إذا حذت حذو جورج بوش وحددت أهدافها بشكل واضح منذ البداية وحرصت على انسجامها مع الأساليب التي هي مستعدة لاستخدامها.و”دينيس روس” هو مستشار في معهد واشنطن وزميل متميز في برنامج الزمالة “زيغلر”، وإلى جانب كونه ديبلوماسياً محنكاً، فقد كان الرجل الأول لعملية السلام في الشرق الأوسط أثناء ولاية إدارة كل من جورج بوش الأب وكلينتون، حيث عمل عن كثب مع وزراء الخارجية جيمس بيكر ووارن كريستوفر ومادلين أولبرايت. وقام بدور الوسيط في مساعدة الفلسطينيين والإسرائيليين للوصول إلى الاتفاق المؤقت عام 1995، كما توسط بنجاح اتفاقية الخليل عام 1997 كما كان له دور في تسهيل معاهدة السلام الأردنية- الإسرائيلية.


arrow up