رئيس التحرير : مشعل العريفي
 عادل حوشان
عادل حوشان

أنا مع داعش

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

معظم الأصدقاء الذين التقيتهم في حقل الكتابة والفنون، وأغلبهم تقل أعمارهم الآن عن 40 عاما، لهم تجربة غير مكتملة النمو في أحضان الجماعات الإسلامية، من الصحوة إلى القاعدة، ومعظمهم نشبت فيهم أضراس هذا التطرف من الجماعات الإسلامية المدرسية والمخيمات ثم معسكرات التدريب ثم الجبال والكهوف والعتمة الكبيرة الأبدية.
بعضهم تطور في مراحل التدريب وتحولوا إلى قادة وبعضهم إلى قتلى أو إلى قذائف.
يبدو أن من حسن حظنا أننا نضجنا قبل ذلك، وتربينا على الموسيقى والفنون قبل أن نختطف وسلمنا من كل هذه الشرور، ظروف كثيرة يمكن أن تكون أسبابا للنجاة من هذا الخداع والفجيعة، هذه الظروف المختلفة قد تكون ساعدت أجيالا كاملة دون أن تنشب فيها مخالب دعاة الشر ومحرضيه وقادته.
قادت الصحوة مئات الشباب إلى المقابر جثثا في ثياب غريبة، الغرابة التي نبتت فجأة بذرائع الفهم والتفسير والتأويل، نشأت في غابات الوهم والطمأنينة المزيفة وأكلت خبز السلطة المطلقة والهيبة وعقال الوعي المموه بالكذب والدجل.
وها هي «داعش» تنبت بنفس البذرة السامة التي أنبتت من قبلها، وتسقى من نفس العين، ويذهب البشر والبشرية ضحيتها.
قد تكون اختفت بعض مظاهر التجييش والحاضنات التقليدية التي استخدمت قبل ثلاثة عقود وتم استغلالها عبر منافذ عدة وبخطابات لا تزال ترن في رؤوسنا من المساجد إلى الندوات والمخيمات إلى أشرطة الكاسيت، الطبيعي أن تختفي والتطور الطبيعي الذي لا يؤمن به دعاة الفتنة بشريا وحضاريا، هو نفسه الذي يستغلونه لبناء «مواليد» جدد لنسف العالم، هذا التطور التقني الهائل بكل مزاياه وعيوبه، حسب تفسيرنا وفهمنا، يتم استغلاله عن جدارة ليكون حاضنة سهلة والتحكم فيه عن بعد لاصطياد ضعيفي الإيمان والفهم لتحويلهم إلى وقود جهنمي في جيوب الجماعات وأحضانها.
والسؤال أين مكمن النجاة إذا أردناها لأبنائنا وأهلنا؟ وما هي المصائد الكبرى التي برعت هذه الجماعات في حياكة خيوطها وشباكها لاستغلال هؤلاء المساكين لتعطيهم الرجولة والشجاعة والبطولة المزيفة ومن بعدها النعيم والجنة والحور؟
هل يوجد بيننا آباء شرعيون للفتنة يتخفون في ثياب الدعوة والفضيلة والزهد؟ هل لا تزال هناك مؤسسات وأفراد وجماعات تمتهن هذا الخداع من أجل صناعة دولة مزيفة بالدم والدموع على حساب أمننا وطمأنينتنا وعيشنا بسلام؟
قبل أيام قالت الأم لابنها الأصغر «خذ هذا المال وتبرع به لجمعية... رأيتها في إحدى القنوات تجمع التبرعات من أجل ضحايا إحدى مناطق الصراع، ابنها متدين، حين أخذ المال، قال الأب الذي كان يربي أولاده على الأغنيات، أعده لها، وخذ ضعفه واشتر لها سجادة وقطيع أغنام لنذهب معا لمزرعتنا نغير الوقت بالوقت، والروح بالروح والهواء بالهواء، واقطع عنها هذا السم الذي تتجرعه كل صباح».
هؤلاء هم الآباء الذين حموا عائلاتهم بعد الله، أخذوهم إلى الكعبة وإلى مئات المساجد، سهروا معهم ومع أمهاتهم يضحكون في القرى الصغيرة والبلدات، ضربوا بهم المسافات لمباراة كرة قدم، علموهم بحكمة الآباء كيف يزرعون الأرض أصواتا للسلام والحب.
أما هؤلاء الذي يعلنون البكاء والعويل على القتلى في شاشات الشك، ويعلنون حساباتهم البنكية، فهم لعنة ووقود وجحيم، سيكوون جباه أوطانهم بالنار متى ما وجدوا جحرا كريها ينفذون منه إلى ظلماتهم، والسلام. نقلا عن صحيفة مكة

آخر تعليق

لا يوجد تعليقات

arrow up