رئيس التحرير : مشعل العريفي
 مشعل السديري
مشعل السديري

قدام عنّيا وبعيد علّيا

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

عندما تفتحت عيناي – أي عندما كنت في أوائل مراهقتي المضطربة – شغفت إعجاًبا بالمقاييس الجمالية لـ(B.B) – أي (بريجيت باردو) – إلى درجة أنني كنت ألصق صورتها على الحائط في غرفة نومي، وعندمامرت الأيام، وعّفى الزمن على كل المقاييس الجمالية، تحول إعجابي نحوها إلى كونها الآن امرأة عجوًزاتحدب على كل الحيوانات.وهذا يدل على أنني إنسان شغوف بالمرأة على كل الأصعدة والأعمار والمستويات – على شرط أن أسلم من لسانها ويدها.وحزنت جًدا عندما علمت بوفاة الألمانية (شف تيفي)، التي عاشت فيمدينة (الدار البيضاء) في المغرب الشقيق لأكثر من أربعين عاًما، ضحت خلالها بالغالي والنفيس وبحياتها وشبابها لهدف واحد لا غير هو الاعتناء بالكلاب والقطط الضالة. وحسب تصريحات جيران الراحلة تيفي التي يطلقون عليها مسمى (أم الكلاب)، فإن هذه الأخيرة عاشت الفقر المدقع، حيث كان يعطف عليها بعض البيضاويين، إلاّ أنها كانت تفضل أن تقدم ما يجود به المحسنون إلى كلابها وقططها، بينما كانت تهمل نفسها، وهو الأمر الذي يفسر نحافتها حيث ماتت وهي تزن 35 كيلوغراًما. انتهى كلامي عن أم الكلاب، ولم ينتِه كلامي عن مخلوقات الله الضعيفة التي تشاركنا الحياة على هذا الكوكب التعيس، وتتنفس نفس الأكسجين الذي نتنفسه، وتشرب نفس الماء الذي نشربه، وتأكل كما نأكل، وتتناسل كما نتناسل، وتموت في النهاية كما نموت. ولقد أكبرت بريطانيا التي كان لها السبق بتأسيس أول جمعية للرفق بالحيوان عام (1849) ،وتلتها أميركا عام(1866) ،وتبعتهما مصر في عام (1894). وبما أننا في هذا الصدد فما هو معروف أنه في بدايات تأسيس المملكة العربية السعودية، فيقال: إن الكلاب قد تكاثرت في الرياض وأخذت تسبب إزعاًجا للسكان، فتصدى لها الأهالي بالقتل، وقد استاء الملك عبد العزيز، رحمه الله، من هذه الطريقة، واقترح على الأهالي أن كل من يمسك بكلب ضال له ريالان من الفضة، وتسابق الأهالي بالقبض عليها بدلاً من قتلها. وأمر، رحمه الله، ببناء حوشين أحدهما للذكور، والآخر للإناث، وإطعام الجميع حتى تموت بالتقادم، وهذا هو ما حصل. إلى هنا والفكرة إنسانية ورائعة، غير أن المسؤول بتطبيق هذه الفكرة لم تخطر على باله حكاية (الغرائز) الطبيعية، فجعل الحوشين، سامحه الله، متلاصقين، فأصبحت الكلاب الذكور طوال الليل تنبح، والكلبات الإناث طوال الليل تعوي، وكأني بالجميع تردد أغنية فريد الأطرش: (قدام عنّيا وبعيد علّيا).لا أدري إلى الآن أيهما أهون: هل هو القتل أم الحرمان؟!بالنسبة لي هو: اقتلني ولا ترحمني. نقلا عن الشرق الاوسط

آخر تعليق

لا يوجد تعليقات

arrow up