رئيس التحرير : مشعل العريفي
 مشعل السديري
مشعل السديري

أرشح المغنّي رابح صقر

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

كلما فكرت وقرأت وعايشت وتأملت، أخذت أشكر بيني وبين نفسي هؤلاء الجهابذة العباقرة على اختراعاتهم العظيمة التي غيرت حياة البشر من الأسوأ إلى الأحسن، ابتداء من (البسكليت) التي أول ما شاهدها سكان الجزيرة العربية تعوذوا من الشيطان، وأطلقوا عليها اسم (حصان إبليس)، إلى اختراع الطائرة، مروراً بالسيارة، التي ما إن شاهدها البعض حتى وضعوا أمامها البرسيم يريدون علفها. شكرت أولئك المخترعين دون أن أفكر في ديانتهم أو ملّتهم. والذي حفزني على كتابة هذا الموضوع، هو قراءتي في هذه الأيام لكتاب «الرحلة الميمونة إلى بيت الله الحرام»، الذي كتبه مساعد يعقوب البدر، وهو عبارة عن وصف لرحلة كابدها مع مجموعة من الحجاج، انطلقوا على ظهور الجمال من الكويت إلى مكة المكرمة، قبل 90 عاماً، واستغرقت في الذهاب والإياب ثلاثة أشهر كاملة، والمسافة لا تتعدى 2500 كيلومتر، وهي المدّة ذاتها التي تقطعها المركبة الفضائية الآن في الذهاب والإياب إلى القمر، والمسافة هي 406700 كيلومتر بالضبط. فكيف كان العالم وكيف أصبح الآن؟! وقبل وصول هذه الاختراعات إلى الجزيرة العربية، كان الذي يسافر على ظهر الجمل من الرياض إلى مكة، يكتب وصيته وهو يقول: الذاهب مفقود، والعائد مولود. ويقطع المسافة التي لا تزيد على 1500 كيلومتر في 25 يوماً بالتمام والكمال. وعندما وصلت السيارات الكبيرة - أي الشاحنات - تقلصت المدة التي يقطعونها قبل اختراع (الإسفلت) إلى خمسة أيام، وكانوا يتحدون بعضهم شعراً، وكل واحد منهم يفخر بسيارته، فيقول أحدهم: (يا هل الهافات، عنتر ناش جاكم/ واعنا من صادفة بأرض خليه، بيعوا (الهافات) عبينا عباكم/ الفروت جداد والعزبة قوية)، فيرد عليه الآخر: (يا هل الأبرق، تبين لي خطاكم/ والخطا راعيه يقنع بالخطيه/ يا عوينك واراد الستة لفاكم/ وعنترك خربان والخمسه رديه). وما إن عُبّدت الطرق حتى تقلصت المدة إلى عشر ساعات، وما إن شرّفت طائرة (الداكوتا) حتى تقلصت المدة إلى خمس ساعات، واليوم قد يركب أحدهم الطائرة النفاثة (بوينغ 777) في الصباح من الرياض إلى جدة في ساعة واحدة، ثم يعتمر في مكة، ويركب الطائرة ويعود إلى الرياض ليتعشى مع (المعزبّة)، ولو أن أحدهم قال مثل هذا الكلام قبل 90 سنة لشكوا في قواه العقلية، أو لأتوا له بشيخ مطوّع ليقرأ عليه، ليخرج الجنّي الذي تقمصّه. سؤالي الحاسم هو: ماذا سوف يكون عليه حال العالم بعد 90 سنة مقبلة؟! يا مين يعيش ويتكلم؟! وأعتقد أن هذه الجملة الأخيرة تصلح مطلع أغنية - وأرشح رابح صقر لكي يغنيها.
نقلاً عن "الشرق الأوسط"

آخر تعليق

لا يوجد تعليقات

arrow up