رئيس التحرير : مشعل العريفي
 مهنا اللحياني
مهنا اللحياني

هذيل مكة وسكانها القدامى(2)

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

ذكرت في المقال الأول سكان مكة القدامى وركزت على القبيلة التي لم ينصفها الكثير من الكتّاب والصحفيين لأن أماكن تواجد هذه القبيلة مرّ على مراحل ما بين مدِّ وجزر لكنها لم تفارق مكة المكرمة وقد أدركت دارة الملك عبدالعزيز هذه الحقيقة فقامت بزيارة كريمة واستمعت لما لدى هذه القبيلة من معلومات وروايات واطلعت على ما لديهم من وثائق وحجج .
هذه القبيلة الكريمة تسكن ضواحي مكة من أربع جهات وتحيط بمكة إحاطة السوار بالمعصم ومع هذا فإن لها حاضرة ومنازل وأماكن شاسعة داخل حرم مكة تصل إلى شمال الحرم الشريف إلى سويقة ولها دلوٌ في بئر زمزم كما هو متواتر لدى القبيلة ومن جاورها ولعلي أشير إلى المرحلة الأخيرة من أماكن تواجد قبائل هذيل في مكة كما طلبت دارة الملك عبدالعزيز منذ 500 سنة وأكثر إلى ما قبل العهد السعودي وهي تنقسم إلى قسمين:
القسم الأول: داخل حدود الحرم المكي الشريف والتي تبدأ شرقاً من ثنية خل وهي يمين الشريعة المسماه الشرائع نزولاً إلي الغويرات ومن ثم بداية وادي فخ من جهة المعابدة نزولاً إلى الخرمانية ثم إلى جرول وبئر طوى ثم نزولاً إلى طريق السالك السلطاني إلى جده ثم إلى بير الشميسي وهي الحديبية القديمة يعني تشق مكة نصفين النصف الأيمن على يمين النازل إلى مكة حتى تصل إلى التنعيم ومسجد عائشة رضي الله عنها إضافة إلى وجود بيوت وحواضر في أحياء أخرى لقبيلة هذيل في المسفلة وفي الهجله وفي الملاوي ومن الأماكن التي كانت تسكنها هذيل يسار الخارج من مكة من ثنية كدى يساراً إلى الثنية التي فيها أراكة سميت بريع الهذليين أو (ريع هذيل) إلى وقت قريب وهي لآل طرفة الهذليين وقد تم تغييره إلى (ريع بخش) وما أدري لماذا تم تغيير مسمى ريع هذيل إلي ريع بخش؟ ولمصلحة من؟
القسم الثاني: في الحل خارج حدود الحرم وهي تحيط بمكة من أربع جهات وهي ديار شاسة جداً من جهة الشمال تصل إلى مدركة ورهاط ومر الظهران ومن جهة الشمال الشرقي تصل إلى الفوارة وجبال شمنصير وشرق تصل إلى البهيته والسيل الكبير ومن جهة الجنوب تصل إلى أقصى أم الزلة وهوية هذيل (نمار) ومن جهة جنوب شرق مكة وادي النعمان وكل الأودية التي تصب فيه إلى رهجان وجبال الشفا ومن جهة جنوب غرب مكة إلى عمق وماوراءها ومن الغرب إلى بير الشميسي ومن جهة الشمال الغربي أبو شعيب وقرن سرور .
هذه الديار ثابتة لهذيل وفروعها بثلاثة أمور:
1 ـ وثائق قديمة مثل الوثيقة المؤرخة عام 1109هجري لقبيلة لحيان بن هذيل وفيها من اباء أباءهما وجد جدودهما والوثيقة الثانية الصادرة لهم من محكمة مكة بعدد 200 وتاريخ صفر سنة 1326هجري وهي التي بنى عليهما الملك عبدالعزيزبن عبدالرحمن آل سعود وثيقته لقبيلة لحيان عام 1352هجري
2 ـ وضع اليد فما زالوا في ديارهم إلا ما باعوه او وهبوه أو أهدوه
3 ـ شهادة القبائل المجاورة لقبيلة هذيل وبعض الرحالة والكتاب والمورخين الذين مرو بديارهم وأماكن تواجدهم في داخل مكة وأطرافها
فمن المحاور التي تم نقاشها مع الدارة هو: دور هذه القبيلة بكل فروعها في الإدارة المحلية سابقاً من خلال دورين مهمين:
الدور الأول: حماية القوافل التي كانت تدخل إلى مكة وتخرج منها سواء القوافل التجارية أو قوافل الحجاج والمعتمرين الذين تأمنهم قبيلة هذيل من اللصوص وقطاعي الطرق وتوفر لهم الحماية بالسلاح والرجال وكل الوثائق التي بحوزتنا تشير إلى إعتماد حكّام مكة على هذه القبيلة في حماية القوافل وتأمينها لقوة شوكتها وصلابة منعتها ولمرور القوافل من على ديارها ومنازلها التي تحيط بمكة من أربع جهات فكانت تقوم بهذه المهمة على أتم وجه وتصل حمايتها للقوافل إلى المدينة المنورة كما تدل على ذلك الوثيقة المدونة بتاريخ1261هجري بين قبيلة لحيان وقبيلة حرب على حماية القوافل والتوابع والمال الضايع .
الدور الثاني: المتمثل في القضاء العرفي الذي يعد في حينه بمثابة المحاكم وهذا من أهم ما تتميز به قبيلة هذيل من حيث أنهم قضاة ومناشد يلجأ إليهم الحكام والقبائل في حل بعض المشاكل المعقدة وقد أدرك ذلك العثمانيون وأدركوا أهمية القضاء العرفي وحله لكثير من القضايا القبلية وأعدوها بمثابة المحاكم الإبتدائية والإستئنافية وبرز الكثير من أعلام ومشايخ هذه القبيلة حتى كان بعضهم يسمى بقاضي القضاة في العرف القبلي . والحديث يطول عن دورهم في الإدارة المحلية والإجتماعية متمثلة في قادتهم وشعرائهم وفراسانهم .

arrow up