رئيس التحرير : مشعل العريفي
 مشعل السديري
مشعل السديري

إذا جاك الحافي.. قل: يا كافي

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

من نقاط ضعفي أنني سريع التأثر وسريع التصديق، خصوًصا إذا كان الكلام أو النصح صادًرا من طبيب له شّنة ورّنة، وذلك عندما استضفته في بيتي على فنجان (منسنيه) ­ وهو ضرب من الأعشاب. واحتراًما مني لشخصه كنت بكامل قيافتي، بما فيها (الجزمة والشراب)، وما أن جلس بمواجهتي، إذا به يشير إلى قدمي، قائلاً: «حتى وأنت في منزلك تلبس الجزمة، ألا تستطيع التحرر منها يا رجل؟!». الواقع أنه أربكني بكلامه هذا الذي لم أتوقعه لدرجة أنني كنت وقتها واضًعا رجلي اليمنى فوق رجلي اليسرى، فعدلت جلستي لا شعورًيا، ووضعت رجلي اليسرى فوق رجلي اليمنى. ولاحظت أن الطبيب المذكور كان ينتعل في قدمه صندلاً هو أشبه ما يكون (بالزنوبة)، وانتبه هو لنظرتي المستغربة، فقال: إنني هكذا طوال حياتي، إنسان شبه حاٍف، ولولا خجلي من الناس لأصبحت حافًيا طوال حياتي. ازداد تعجبي من منطقه الهمجي ذاك، إلى الحد الذي بدأت أشك حتى بقواه العقلية، وانتبه هو لما يعتمل بصدري، فأخذ يضحك بطريقة الأطباء (المعقمة)، ثم عاجلني قائلاً: اسمع يا (...)، وسكت برهة متلعثًما يحاول تذكر اسمي، فأسعفته قائلاً: يا مشعل، فقال: الله يذكرك بالشهادة، اسمع يا مشعل: إنني أنصح الناس دائًما بأن يخلعوا أحذيتهم، وبالذات عندما يكونون في منازلهم. وأردف قائلاً: صدقني إنك إذا أحسست بالألم في قدميك، فسيلحق بك الأذى في كل مكان، إنني أصف وصفة (الحفاء) هذه لمرضاي ولعائلتي ولنفسي كذلك، ولو أنك زرتني في بيتي، لاستقبلتك حافًيا. فقلت له مجاملاً: (أنعم وأكرم). وما أن أتم كلامه حتى وقع في نفسي موقع السحر، واستأذنت منه خارًجا لأشلح جزمتي وشرابي، وأقذف بهما بعيًدا، وأعود له حافًيا مثلما ولدتني أمي. أعجب هو بمبادرتي قائلاً: الآن، الآن فقط، أنت بدأت تسير على الخط المستقيم. لا أريد أن أطيل عليكم، فلي الآن أكثر من شهر بعد مقابلتي مع ذلك الطبيب، وأنا في منزلي أتنقل حافي القدمين، ولا أغسلهما بالماء والصابون إلاّ قبل أن أدخل في فراشي للنوم، ولا أكذب عليكم أنني شعرت بعدها بعنفوان وراحة وانعتاق ما بعده انعتاق. ومن شدة حماستي، لم أكتِف بداخل منزلي وحوشي، فزدت (الدوز) والعيار، وأخذت أتجول حافًيا حتى في الشوارع المحيطة بمنزلي، ومن سوء حظي أن كسرة زجاج شلخت عرقوبي قبل يومين، ولم يوقف نزيف الدم غير ثمان من الغرز، وما زالت قدمي ملفوفة بالضمادات، وأعرج بمشيتي مثلما تعرج (أم عامر) ­ أي (الضبعة).
نقلا عن الشرق الاوسط

آخر تعليق

لا يوجد تعليقات

arrow up