رئيس التحرير : مشعل العريفي
 أ.د.صالح بن سبعان
أ.د.صالح بن سبعان

الموازنة المائية..أين موقعها من رؤية المملكة 2030 !؟

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

ثمة قضايا يبدو أننا لا نوليها العناية والاهتمام اللائقين رغم خطورتها وتأثيرها الآني والمستقبلي، وتأتي مشكلة المياه على رأس هذه القضايا. فالمملكة التى تصنفها التقارير الدولية ضمن أفقر (10) دول في العالم من حيث مواردها المائية العذبة تأتي في قائمة أكبر ثلاث دول من حيث نصيب الفرد من المياه. وهذا التناقض ما بين شح الموارد والطلب المرتفع على المياه هو الذي يكشف عن خلل واضح في الموازنة المائية بالمملكة. علما بأن المملكة تصنف أيضا كأكبر منتج للمياه المحلاة في العالم، ورغم هذا فإنها لا تغطي الاحتياج. نعم ثمة جهات تولي هذا الأمر، وعلى رأسها وزارة المياه التى قامت بجهد لا ينكره أحد في التوعية لترشيد استهلاك المياه، وعلى لسان المسؤولين فيها فإنها صرفت حوالى 900 مليون خلال الأربع سنوات على حملة الترشيد هذه، وقدمت أدوات ومعدات لترشيد المياه تقدر بـ34 مليون قطعة مجانية أسهمت في توفير نحو 400 ألف متر مكعب من المياه. إلا أن الأمر فيما هو واضح فوق الطاقة وإمكانيات وزارة واحدة، لأن هذا يحتاج إلى حملة وطنية تساهم فيها كل القطاعات لتعديل السلوك الاستهلاكي في التعامل مع المياه، ويظل السؤال قائما حول دور القطاع الخاص، خاصة إذا عرفنا كما أوضحت ورشة عمل عقدت في الغرفة بمشاركة خبراء من السويد في إطار مبادرة وفير الوطنية لترشيد المياه في القطاع الصناعي، حيث تم الكشف في هذه الورشة أن القطاع الصناعي يستهلك ما بين (17 – 20 %) من كمية المياه المستهلكة في المملكة، بنسبة زيادة تصل إلى (7 %) سنويا ، وذلك بسبب ارتفاع معدلات النمو السكاني والعمراني وما يصاحبه من الاحتياجات والخدمات، وبسبب اتساع قاعدة المشاريع التنموية التى تشهدها كافة القطاعات في المملكة. إن العجز في الموازنة المائية الحالي يشير إلى أننا سنواجه عجزا في المياه يصل إلى نصف ما عليه الحال الآن بحلول عام 2030م. فيما تقول آسيا آل الشيخ محذرة في الورشة، في حال استمرت معدلات الاستهلاك على هذه الوتيرة: إن الأمر يحتاج إلى وقفة وطنية كبيرة تشارك فيها كل القطاعات والجهات والفعاليات استشعارا منها بالمسؤولية تجاه هذا الوطن وإنسانه، وتجاه الأجيال المقبلة في المستقبل لأننا بالفعل نستهلك بشراهة رصيدنا من المياه الجوفية، ولا أعلم كم من الزمن بقى حتى نستنزف آخر قطرة منها. وهذه دعوة نطلقها من أجل البحث عن مخرج من هذا المأزق، حيث يؤكد الجميع أن حروب هذا القرن ستكون حروبا على المياه ومصادرها، فعلينا – على الأقل – أن نحرص عليها ولا نهدرها. مبادرات واقتراحات ـــــــــــــــــــــــــــ ثمة حلول تبدو وكأنها عبارة عن مسكنات ، وهذا ما قد تطرقنا إليه من قبل ، منها مثلاً الحل عن طريق التوسعة في مشاريع التحلية بشكلها الحالي ، إذ أن تجربتنا حتى الآن قد أثبتت فشلها في هذا المجال . وأذكر أن الأمير / محمد الفيصل كان قد اقترح حلين أحدهما ـ ولا ألم بتفاصيله الفنية الآن ـ يقوم على المزاوجة بين الكهرباء والماء ، وقد أكد أن هذه الطريقة دُرست بما فيه الكفاية لتتأكد جدواها ، حيث أننا الآن نستهلك الكهرباء لتحلية المياه ، بينما الطريقة التي اقترحها توفر لنا طاقة كهربائية عند التحلية ، وبنظرة اقتصادية بحتة ، فإن الطريقة التي يقترحها ستقلل تكلفة التحلية حين تخصم منها عائدات الكهرباء التي ستتوفر . أما الطريقة الثانية التي اقترحها ، وقد عقد مؤتمرات وورش عمل عالمية لدراسة جدواها فتقوم على سحب قطع من جبال الجليد إلى مياهنا الإقليمية ، وقد عددت الدراسات التي أجريت مدى الفوائد الاقتصادية لهذه الطريقة ، والفوائد البيئية ، حيث أنها ستقوم بتعديلات مناخية إيجابية في جده والمنطقة الغربية بشكل عام ، وأكدت الدراسات وورش العمل جدواها الاقتصادية كحل جذري لهذه المشكلة . الآن لأدعو" ولي ولي العهد وفقه الله بحكم توليه ملف رؤية المملكة 2030" إلى أن يفتح هذا الملف ، ملف المياه ، بنفس الجرأة والشفافية والذهن المفتوح الذي اعتدناه من سموه . لأن مشكلة المياه ، مشكلة حياة أو موت ، إن لم يكن اليوم ففي المستقبل ، والمسـتقبل القريب .

آخر تعليق

لا يوجد تعليقات

arrow up