رئيس التحرير : مشعل العريفي
 خالد السيف
خالد السيف

عبدالملك بن مروان والضحك على الناس بـ «الفلس»!!

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

قصة تمّت صناعتها في المطبخ الأموي على نارٍ هادئة جمع حطبَها الظالمُ خالد بن عبدالله القسري، بينما كان الحجاج بن يوسف مقعياً على إليتَيه ينفخ النار ليزيدها اشتعالاً.. ولو لم يكن من طوام عبدالملك بن مروان سوى ماكانَ منه مِن تولية السّفاحِ القسريِّ خالد بن عبدالله والمبيرِ الحجاج بن يوسف على رقاب «المسلمين» لكفته عاراً يستوجب عليها سُخطاً إلى يوم يُبعث الناس من مرقدهم.! فالمشكلة إذن ليست في عبدالملك – ومن جاءوا من بعدِهِ إلى يوم الناسِ هذا – وإنما أُسُّ المشكلةِ يكمنُ في «أجدادنا» أولئك الذين أورثونا جينَ حمقٍ من عاطفةٍ كان من شأن أيّ حكايةٍ مكذوبةٍ فضلاً عن سذاجتها أن تجعل من «المجرم» الذي أعمل سيف بطشه على رقاب «كرامةِ» الناس ولياً من أولياء الله تعالى.. ولقد كان من شأن هذه الحكاية الباطلة – قصة الفلس وسقوطه في البير – وسماجتها الساذجة هي الأخرى أن تمسحَ كلَّ الطغيان الذي كان عليه عبدالملك في سيرةِ مُلكهِ.. وكأنه لم يقترف ما اجترحه من ظلمٍ وعدوانٍ وإزراءٍ بكلّ ما جاء به الإسلام من قيمٍ وكُليّات لا تستقيمُ «الشريعةُ» إلا بها على النحو الذي لم يخرج به «عبدُالملك بن مروان» عن نهجِ مَن استخلفوه! وللذين لم يعرفوا حكاية «الفلس» نُعيد قصَّها هاهنا: (وروى البيهقي: أن عبدالملك وقع منه فلس في بئر قذرة، فاكترى عليه بثلاثة عشر ديناراً حتى أخرجه منها، فقيل له في ذلك، فقال إنه كان عليه اسم الله عز وجل)!! سيأتيكَ المُخلّفون – مِن كلّ حَدَبٍ – ويتناولون القصةَ بتعليقاتِهم على هذا النحو: * تأملْ – يا رعاكَ الله – كيف كانَ هذا الخليفةُ الموفّق من الخشيةِ لله تعالى إذ أبتْ عليه «ديانتُهُ» إلا تعظيمه للفظ الجلالة.! * إنها تقوى القلوب التي كان عليها هذا الخليفةُ المسدّد ذلك أنّه بفعله هذا قد عظّم اسم الله تعالى وأرخصَ في ذلك ثلاثة عشر ديناراً من حُرّ ماله ألا ما أتقاه!! * حُقّ لكلّ أحدٍ ممن يعظمّون «لفظ الجلالة» أن يخصّوا عبدالملك بن مروان بالدعاء وبالذبّ عن «اسمه» وحسبنا أن ذلك ديْنَاً في رقاب المسلمين إلى يوم القيامة.! * قال أكثرهم – تزلّفاً – ما ضرّ عبد الملك بن مروان ما فعلَ بعد ذلك اليوم!! * أشاعَ موظفو بلاطِ الخلافة: أنّ الخليفة عبدالملك بن مروان رُئيَ بعد موته وهو في حلّة قشيبة على ردهةِ قصرٍ أبيض منيف في الجنّة فسأله «الرائي» بمَ نلت هذه المكانة في الجنة؟! فأجابه عبدالملك وكان بين يديه «فلسٌ» لقد غفر الله بسبب هذا – يعني الفلس – وأنزلني منازل الصديقين وحَسُنَ رفيقا.!!! وحتى تكتمل الصورة لا بدّ من قراءة ما يلي: * قال إبراهيم بن هشام بن يحيى الغساني عن أبيه، عن جده، قال: كان عبدالملك يجلس في حلقة أم الدرداء في مؤخر المسجد بدمشق، فقالت له: بلغني أنك شربت الطلاء بعد العبادة والنسك. فقال: إي والله، والدماء أيضاً قد شربتها، ثم جاءه غلام كان قد بعثه في حاجة، فقال: ما حبسك، لعنك الله؟ فقالت أم الدرداء: لا تفعل يا أمير المؤمنين، فإني سمعت أبا الدرداء يقول: سمعت رسول الله – صلى اله عليه وسلم- يقول: لا يدخل الجنة لعّان. * وقال أبو بكر بن أبي الدنيا: ثنا الحسين بن عبدالرحمن، قال: قيل لسعيد بن المسيب: إن عبدالملك بن مروان قال: قد صرت لا أفرح بالحسنة أعملها، ولا أحزن على السيئة أرتكبها. فقال سعيد: الآن تكامل موت قلبه. * ومما جاء في وصيته حين حضرته المنية قوله لابنه الوليد بن عبدالملك: وانظر الحجاج بن يوسف فأكرمه، فإنه هو الذي مهد لكم البلاد، وقهر الأعداء، وأخلص لكم الملك (ما يعني أنّ وِزر الحجاج – في كلّ ما فعل – ينضاف ثقله إلى أثقال وِزر عبدالملك). وبأية حال.. فإنّ ما كتبتُه يأتي تمشياً مع الاحتفال بـ «القصة» حيث التناول لها جاء بطريقةٍ تُشعرك بأنّ التاريخ لا يُعيد أحداثه كما نتوّهم وإنما «الحمقى» هم الذين يجعلون من التاريخ حاضراً في المستقبل!! وفي نفسي شيءٌ من القصة برمّتها ذلك أنها ظاهرة الصّنعة تكلّفاً على نحوٍ يبتغي معها «كذّابوها» تزكية ملك بني أمية العضوض!! نقلا عن الشرق

آخر تعليق

لا يوجد تعليقات

arrow up