رئيس التحرير : مشعل العريفي
 مها الشهري
مها الشهري

مجالس المثقفين

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

للمجالس الثقافية تاريخ منذ الأزمنة البعيدة، وعلى امتدادها عاشت المجتمعات هذه الحالة كلما دعت إليها الحاجة، وقد ظهرت الصالونات الثقافية في مجتمعنا كإحدى المظاهر المرتبطة بتزايد الوعي والحاجة إلى التنفيس وتبادل الأحاديث بين المثقفين، وهي ناتجة عن مخاض ثقافي وحراك مستمر يمر به المجتمع. جاءت الحاجة إليها كتنظيمات خاضعة للمجهود الفردي في ظل ضعف الأداء والتنظيم من قبل العمل المؤسسي الذي كان من المفترض أن يكون وسيطا خدميا لترجمتها على الواقع كمجهودات ذات قيمة لا تبقى حبيسة المجالس الخاصة ولتنعكس فوائدها على الحياة العامة، وبالرغم من وجود العمل المؤسسي الثقافي في إطاره الضيق ظهرت الأندية الأدبية كمؤسسات تنظيمية فاقدة للتطوير، بل أساءت للثقافة من خلال احتكارها لمفهومها العام وتحديد مجالها الواسع في زاوية الأدب الضيقة، وهذا لا يعني الاستهانة بالأدب والأدباء لأن للأدب فائدة في نمو ثقافة المجتمع ورقيه وهو بحاجة للتطوير والإثراء، ولكن من الخطأ التعبير بمحدودية جانبه عن الوجه الثقافي العام. للثقافة والعلم أوجه وجوانب متعددة بتعدد مسارات الحياة، وهناك الكثير من المثقفين ذوي الإدراك والمعرفة في كل جانب من جوانبها، ونجد أن تعميق أبعادها في الوعي الاجتماعي من خلال التجمعات يشكل ضرورة ملحة للتعلم غير الممنهج القائم على قيمته الذاتية، كونها بيئة مثالية تجمع ذوي الاهتمامات المشتركة وتسمح لهم بالتشارك والتعبير عن رؤاهم والحوار حولها في أجواء مفعمة بالانسجام والأريحية. لا ينبغي لهذه المجالس والنوادي أن تبقى حكرا للرجال، وإنما يجب أن يتاح العمل بالتشارك بين الجنسين في إرساء ثقافة عامة قائمة على الوعي وإدراك دور كل منهما ليكمل الآخر في تنمية البيئة الثقافية، فضلا عن ضرورة إنشاء المجالس النسائية التي تعنى بشؤون النساء التي قد تتسع إلى مجال المشاركة في الندوات والمؤتمرات المنظمة التي من المفترض أن تأتي كامتداد لها. لا بد وأن تكون الاستفادة من تفعيل دور هذه المجالس بدعم استمرارها لتنعكس بالنفع على المجتمع ولترتقي بالمستوى الفكري والثقافي والتعليمي، لا سيما دعم الحركة التعليمية بطرق التعلم غير الممنهج لإثراء أفكار الشباب ومنحهم الفرص لتوسعة مداركهم وإشباع حاجاتهم وتساؤلاتهم في تلقي المعلومة والمشاركة بها مع الغير، وسيكون في ذلك فرصة يجد فيها الشباب حاجتهم لإثبات قدراتهم المعرفية والعلمية واستصناعهم ليكونوا أكثر فاعلية لخدمة أنفسهم ومجتمعاتهم.
نقلا عن عكاظ

آخر تعليق

لا يوجد تعليقات

arrow up