رئيس التحرير : مشعل العريفي

أسطورة الدرباوية!!

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

من شر البلية في التاريخ: أن توصف (الملاكمة) بالرياضة (النبيلة)، وهي إنما سميت بذلك لأن (نبلاء) العصور القديمة كانوا يستمتعون بالفرجة على اثنين من المستعبدين السود، يتقاتلان حتى موت أحدهما! أما العصور الحديثة فلم تقتصر متعة الظلمة والمتجبرين على المستعبدين والمجرمين، بل امتدت إلى النساء والأطفال والشيوخ، كما يحدث في سوريا منذ (5) سنوات! وتبلغ السخرية مداها حين تتفق القوى الغاشمة على هدنةٍ ليومين أو ثلاثة... هدنة لمن بالضبط؟ لعزرائيل طبعا؛ كي يلتقط أنفاسه قليلا؛ ريثما يزجون به في مجزرة جديدة! نعود للرياضة (الدرباوية) الهمجية بكل ما تعنيه الكلمة؛ حيث توفي أمس الملاكم (الدرباوي) الأشهر في تاريخ متعة النبلاء (محمد علي كلاي) بعد معاناة امتدت (30) عاما من (الباركنسون)، الذي حذره الأطباء منه بعد خسارته الثانية لبطولة الملاكمة، وكان ما يزال في ريعان شبابه وقمة فتوته، وبدل أن يحمد الله ويعتزل بصحته، اختار أن تكون (الدرباوية الأمريكية) منهج حياته حتى النهاية، وقد اعتزل مهزوما سنة (1980)، ليصرف جزءا كبيرا من الثروة التي حصلها من (تفقيع) وجوه المنافسين، على العلاج من (تفقيعهم) هم لوجهه!! ولكن بالفصل بين (الشخص) و(النجم): فلئن كان الزميل (أبوالطيب الكذاذيبي) يمثل انتصار (المبدع) العظيم على (الشخص) الحقير؛ فإن (محمد علي) على النقيض تماما، يمثل انتصار (الشخص) العظيم على (المبدع) الحقير!! ففي أوج مجزرة (فيتنام) كان هو بطلا في عز شهرته، وكان مدعوا باسم الواجب الوطني لأن يشارك ولو لفترة وجيزة، ويقدم دعمه المعنوي فقط للجنود الأمريكيين؛ فوجوه الفيتناميين (مفقعة) خِلقة!! وكانت مشاركته ستزيده نجومية، وربما استثمرها بعد الاعتزال ليرشح نفسه أول رئيسٍ أسود مسلم للولايات المتحدة الدبُّوسية (الدرباوية) الأمريكية! لكن محمد علي (الإنسان) رفض (المهايط)، وضحى بحزام البطولة، وملايين الدولارات، وجهز (البطانية) و(الحلاوة الطحينية) لدخول السجن! وخاض معركة قانونية لثلاث سنوات، انتهت بعودته بطلا من جديد؛ لتتخذه أمريكا أيقونة للحلم الأمريكي؛ فلم تجد (هوليوود) أفضل منه لتستنهض الإرادة الأمريكية الجريحة؛ فكان (Ali) هو أول فيلم تنتجه بعد كارثة (11 سبتمبر)!! وإضافة إلى ذكائه وبديهته اللاذعة، فقد كان محمد علي (الشخص) مؤمنا صادقا؛ حين استقبل المرض على أنه رسالة من القدر تقول له: «إن القوة المطلقة لله وحده»!!
نقلا عن مكة

arrow up