رئيس التحرير : مشعل العريفي

مقاهي تونس تستقبل روّادها نهاراً.. وحزبٌ ديني يتوعّد بفضح "المفطرين" عبر فيسبوك-فيديو

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

صحيفة المرصد:في شارع الحبيب بورقيبة بقلب العاصمة التونسية، يجلس الشاب عاطف في مقهى "باريس" رفقة مجموعة من أصدقائه لاحتساء قهوته وتدخين سيجارته نهاراً في رمضان.اختيار هذا المكان العام الذي حرص صاحبه على تغليف جميع واجهاته البللورية المطلة على الشارع بالورق الأبيض لم يكن اعتباطياً، كما يقول عاطف، بل بحثاً عن الخصوصية بعيداً عن أعين المتطفلين حتى لا تتكرر له مضايقات السنة الماضية.ووفقا لموقع"هافينغتون بوست"يقول عاطف "أعاني من مرض السكري منذ سنوات مما حال دون صيامي، وبحكم بعد منزلي بجهة المحمدية عن العاصمة، واستحالة الأكل أمام زملائي بالعمل أو في الشارع اخترت هذا المكان بعيداً عن أعين الناس".هذا الشاب أعرب عن ارتياحه مقارنة بالسنة الماضية من ذات الشهر من غياب المضايقات وحملات المراقبة باسم "النصح والإرشاد ومحاربة المنكر"، التي كان يقوم بها مجموعة من الشباب داخل المقاهي، معتبراً أن الصيام أو الإفطار حرية شخصية وعقيدة بين العبد وربه.وأضاف "ليس من دور أي شخص أن ينصب نفسه متكلماً باسم الدين والأخلاق وينعت هذا بالكافر والآخر بالمسلم بسبب سلوك اقترف في رمضان تبقى أسبابه متعددة".عاطف استحضر حوادث ملاحقة وحملات مداهمة للمقاهي في شهر رمضان الفارط قام بها مجموعة من الشباب ممن أطلق عليهم حينها "شرطة الأخلاق الحميدة" بجهة رواد شرق العاصمة، وكانت تلك الحادثة قد خلفت جدلاً كبيراً في ذلك الوقت.وبعيداً عن مقهى "باريس" بأمتار يعج مقهى "اليونيفير" بذات الشارع بعشرات من الشباب التونسي، الذين اختاروا الجلوس وتناول فنجان من القهوة وتدخين السجائر بعيداً عن أعين المتطفلين.ويوضح نادل هذا المقهى، الذي رفض الكشف عن اسمه، أن الأمور تسير بشكل عادي دون مضايقات على خلاف إحساس الخوف الذي كان يسود الرواد والزبائن خلال السنوات الماضية، بسبب التهديدات التي كان يطلقها ناشطون محسوبون على أحزاب ذات خلفية إسلامية. "افضح المفطرين" مشهد الطمأنينة الذي خيم على المقاهي المفتوحة نهاراً في قلب العاصمة التونسية خلال هذا الشهر لم يكن كمثيله في جهة المرسى السياحية المطلة على البحر، حيث قام رئيس حزب "تونس الزيتونة" عادل العلمي - ذو مرجعية دينية ورخص له سنة 2014 – بحملة مداهمة أحد أشهر المقاهي بالجهة في محاولة لتصوير الشباب المجاهر بالإفطار ونشر صورهم عبر فيسبوك.وحول دوافع هذه الحملة يقول القيادي في حزب "تونس الزيتونة"، محمد علي بوعزيز إن الحزب انطلق فعلياً عبر مكاتبه المنتشرة في محافظات البلاد بحملة، وصفها بالتوعوية، في الشوارع التونسية للتصدي لمظاهر "المجاهرة بالإفطار"، وترسيخ أحد أركان الإسلام عن طريق النصح والإرشاد، على حد وصفه.وبخصوص الانتقادات التي تطال هذا الحزب بممارسته دور "شرطة الأخلاق الحميدة"، يبرر القيادي ذلك بقوله "تقف حرية الشخص حين تبدأ حرية غيره، وفي حال تمادى هذا الشخص في استعمال حريته، فهو بالتأكيد سيلحق بغيره الضرر إن كان مادياً أو معنوياً".وأضاف "نحن لم نطلب من الأشخاص عدم الإفطار، فهم أحرار في ذلك بينهم وبين خالقهم، لكننا طلبنا عدم المجاهرة وارتكاب المعاصي في الأماكن العامة احتراماً لغيرهم من المسلمين".وتابع "هدفنا ليس التشهير بالأشخاص ولا إكراههم على الصيام، لكننا نريد أن نكرس مظاهر العقيدة الإسلامية في مجتمعنا، وفي حال لم يرضخ البعض، فإننا سنقوم برفع شكاوى لدى وزارة الشؤون الدينية وسنوثق بالصوت والصورة مظاهر المجاهرة بالإفطار، وننشر صور أصحابها عبر الشبكات الاجتماعية حتى يكونوا عبرة لغيرهم ". أحزاب وجمعيات مدنية تندد سيناريو مطاردة المفطرين في رمضان هذا العام، حذرت منه مجموعة من الأحزاب والجمعيات الناشطة في المجتمع المدني بتونس، عبر بيان صدر منذ أيام عن ما يسمى بـ"الائتلاف المدني من أجل الحريات الفردية"، والذي دعت خلاله السلطات التونسية لضمان الحقوق والحريات لكل مواطن تونسي، طبقاً لأحكام الدستور التونسي.ورأت هذه الأحزاب أن الدستور التونسي أقر حرية الضمير والمعتقد، منددة بما وصفته بـ"الانتهاكات الصارخة" للحريات الفردية التي شهدتها بعض المقاهي التونسية في رمضان 2015، والتي وصلت حد تعنيف العاملين بتلك المحلات من قبل أعوان الأمن والإيقافات التي طالت بعضهم في مراكز الأمن بتهمة الاعتداء على الأخلاق الحميدة.كما نبهت في ذات السياق إلى "خطورة تكرار مثل هذه الممارسات، مما من شأنه أن ينعكس سلباً على قواعد العيش المشترك والنموذج المجتمعي التونسي"، بحسب نص البيان.

arrow up