(نبيل صوالحة) يضحك علينا!!

لم تعد البرامج الحوارية العربية، تشكل أكثر من جلسات دردشة سطحية، تنتهي إلى حفلة (طقطقة) تشبع غريزة البحث عن (بوكيمون)، الأصيلة في شعب (الفقاقيع) الأعظم من الخليج إلى المحيط! ومن أشهر تلك الجلسات برنامج (حديث في الفن) على (mbc)، وكان ضيفه مساء الثلاثاء الماضي النجم الأردني (نبيل صوالحة)، الفنان المثقف بدرجة (فيلسوف) حقيقي، ومنتج أفكار عملية؛ لكن جلسة الدردشة لم تبرز منه غير جانب التهريج والتفاهة والإسفاف! أما التاريخ فيحكي عن فنان موهوب، بدأ عاديًا ضمن عدة نجوم ـ جمعهم فصل (محو الأمية) الشهير، الذي فتحه (أبو عوّاد ومرزوق وسمعة) ـ وقدموا الشخصية الفنية الأردنية، التي كانت مجرد سمكة صغيرة، وسط بحر تهيمن عليه الحيتان المصرية، والهوامير اللبنانية والسورية! إلى أن وقعت كارثة اجتياح الكويت (1990) التي وضعت كل إنسان عربي أمام مرآةٍ مشروخة إلى آلاف الشظايا، يسأل نفسه: من أنا؟ ولماذا أعيش؟ وإلى أين المصير؟ ولم يسلم الفنان العربي حينها من لوثة السياسة، التي أدرك (نبيل صوالحة) أنها تريد أن تقحمنا جميعًا في (كوميديا) عالمية، دون اختيارٍ منا، بحيث يردد كل عربي ما يلقنه المخرج (العالمي)؛ دون أن يقرأ الدور مسبقًا في (بروفة طاولة)!! ولأنه صاحب رسالة؛ قرر (النشمي) الأردني أن يتغدى بالسياسة العربية قبل أن تتعشى به! فامتشق سلاح (الضحك)، وأتقن كل سبل (الإضحاك)؛ ليجعلها (مسخرة) على كل لسان شعبي (غلبان)! ولم ينتبه مذيع (الدردشة السطحية)، ولا يعنيه أصلًا أن (نبيل صوالحة) يقدم مسرحًا حقيقيًا، أم مجرد (نُكَتٍ) موزعة على عدد من الفنانين؟ وهل يصنف نفسه (كوميديانًا) أم (مشخصاتيًا) يتقمص في العرض الواحد ما يزيد على (10) شخصيات في المعدل؟ وهل تعمد أن يتخصص في فن (التهريج)، ويعرض عن (الكوميديا)، عن وعي عميق بمقتضى الحال السياسي العربي؛ بعد أن درس كتابة المسرح في أرقى جامعات لندن؟! ومهما كانت إجابات النقد؛ فلن تغض من أهمية طرحه (النبيل) القائم على إيمانه بجدوى (الضحك لمجرد الضحك)، وأثره المدهش حتى في علاج أخطر الأمراض؛ حيث تطوع الفنان (الفيلسوف) بممارسة الضحك (طبيًا) في أرقى مستشفيات الأردن! ولا أدل على نجاحه من أن نجوم (طاش ما طاش) أرادوا أن يستثمروا شهرته العريضة في أحد الأجزاء، فابتلعهم جميعًا!! نقلا عن مكة