رئيس التحرير : مشعل العريفي
 عبدالله بن بخيت
عبدالله بن بخيت

عالم جديد.. وسائل جديدة.. إنسان جديد

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

ما يحدث اليوم من تحولات يطرح سؤالا: هل ستنتهي الصحف الورقية؟
لا أحد يعلم ولكن التجارب التي مرت بها البشرية من قبل تجعل الإجابة عن هذا السؤال مرهونة بالمستقبل. عندما انطلقت السينما تحدث النقاد حينها أن زمن المسرح الحي على وشك الانتهاء. كانت كل المؤشرات تؤيد ذلك ومع ذلك بقي المسرح وازدهر واتخذت السينما كفن جديد موضعها دون الاضرار بالآخرين.
ما قيل عن المسرح قيل عن السينما. عندما بدأت طلائع أجهزة التلفزيون تغزو البيوت، قال النقاد وأصحاب الفهم السديد ما الذي سيفعله الناس في صالات السينما وقد حلت السينما في بيوتهم؟
بعد فترة ازدهر التلفزيون واحتل أفضل صالات المنازل وفي الوقت نفسه استمر الناس في الذهاب إلى صالات السينما، بل صار القلة المتبقية من البشرية الذين حرموا من صالاتها يشدون الرحال لمشاهداتها في صالات مجمع السيف في جزيرة اللؤلؤ في مكان ما شرق جزيرة العرب.
إذا نظرنا للمستقبل الذي سارت فيه السينما منذ لحظة التهديد سنلاحظ انها ازدهرت وأصبحت أكثر جاذبية وميزانيتها صعدت من عشرات الملايين إلى المليارات.
قد لا نلاحظ اليوم تهديدا عظيما لصديق قديم. قليل منا يتحدث عن تهديد النت للتلفزيون. كان التلفزيون مصدر الأخبار ومصدر الأفلام ومصدر المعرفة باختصار تهديد النت للتلفزيون أكثر صراحة وعمقا وأكثر تنوعا من تهديد الصحف الإلكترونية للصحف الورقية. كل شيء يقدمه التلفزيون تقدمه النت وبطريقة أفضل وأسخن وأسرع وفي الوقت الذي تريده مع خدمات أخرى لا حصر لها. يكفي النت ميزة خطيرة تتفوق بها على التلفزيون تراها في قدرتك على المساهمة في الإنتاج. هل هذا يعني نهاية التلفزيون؟
أعتقد والله اعلم أن الأمور تتقولب داخل المصالح وتسهم هذه المصالح في تطور الانسان نفسه وتوسيع نطاق الحياة.
حدود حياتي أوسع من حدود حياة والدي وحدود حياة ابني أوسع من حياتي. هذه الاتساع المستمر في الحياة يفرض وسائل جديدة تلبي مطالب جديدة. إذا اردنا أن ننظر إلى النت من بعدها الفلسفي يمكن ربطها بسقوط الاتحاد السوفياتي وتفرد المعسكر الرأسمالي بالسيطرة على وسائل الإعلام.
جاء الرفض الإنساني بأن طرحت التكنلوجيا تقنية النت التي لبت مطالب الرأسمالية في التوسع والجشع وفي نفس الوقت حررت البشرية من تكريس الإنسان ذي البعد الواحد (الذي استغنى عن الحرية بوهم الحرية)، الذي قدم صورته فيلسوف اميركي يدعى هربرت مركوز قبل عدة عقود. اتساع حياة الإنسان يفرض نفسه على الوسائل والأجناس الفنية على حد سواء. يشق كل جنس فني طريقه الذي يتفوق فيه. تشابه الاجناس الأدبية أو الفنية أو حتى الوسائل لا يعني الإلغاءو، بل يعني مزيدا من الإبداع الإنساني وأفقا جديدا لا نعلمه الآن لكن سيراه من سيكون حاضرا في المستقبل.
عالم جديد.. وسائل جديدة.. إنسان جديد. نقلا عن الرياض

arrow up