رئيس التحرير : مشعل العريفي
 محمد السحيمي
محمد السحيمي

والتنكيت أساس ثقافتنا!!

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

واجه (فولتير) جبروت الكنيسة وطغيانها بالسخرية الفنية الفكرية الفلسفية، المختلفة جذريًا عن فن النكتة! وقد أدرك أن في حماقات رجال الكنيسة، ما يغنيه عن أن يؤلف نكتًا (يطقطق) عليها الشعب قليلًا، ثم يتركها ويبحث عن جديد، كما يفعل معظم السعوديين بحق التعدد (فيذا)، أو بالمسيار والمسفار والمبعاث والمدشار (فيذاك)!
وهنا يتجلى الفرق الأول بين السخرية والتنكيت؛ فالنكتة تضحكك مرة واحدة، وإذا تكررت سمُجت! أما السخرية فهي باقية بقاء الفن الذي «يزيدك حُٰسنًا كلما زدته نظرًا»؛ على رأي سيدنا (أبي نواس)! وهو ما يصدق على روائع (فولتير)، التي (مسخرت) الكنيسة بتسليط الضوء على سلوكها المتخلف، واحتكارها العلم والحقيقة، وتقديس ذوات القائمين عليها، وادعائها سلطات الرب سبحانه؛ وليس بالتشنيع عليها، وتأليف القصص الخيالية، كما يفعل كثير من الوعاظ في الشرق الإسلامي، وهم بالمناسبة رواد القصة والأقصوصة في الثقافة العربية!!
وهنا يتجلى الفرق الثاني؛ فالسخرية الفنية تقوم بها مواهب (فردية)؛ كالروسي (جوجول)، والإيرلندي (برنارد شو)، أما النكتة فهي شعبية يضيع دمها بين الجماهير، وإن نسبت إلى (جحا) أو (أشعب) مثلًا!!
وبالسخرية صعدت أوروبا على أنقاض الكنيسة، وبالتنكيت سقط العرب تحت القشور الاجتهادية (البشرية)؛ حتى سخر منهم (أبو الطيب المتنبي) بقوله:
أغايةُ الدِّين أن تحفوا شوارِبَكم؟ يا أُمَّةً ضحكت من جهلها الأممُ؟
وبدل أن يراجعوا مبادئ شريعتهم السمحة، ويوقفوا المتاجرين بالدِّين الحنيف عند حدودهم، تكأكؤوا على الشاعر، وفسقوه وكفروه، ولفقوا له تهمة ادعاء النبوة، والخروج على ولي الأمر، فلبث في السجن نحو (3) أعوام، ولم يخرج إلا بعد أن أعلن الندم، وباس القدم، على غلطته في حق (البجم)!!
ولما سخر من الفساد الإداري في مصر بقوله: (نامت نواطيرُ مصرٍ عن ثعالبها)؛ اضطروه للتسلُّل ليلًا؛ لكيلا ينغص نوم (النواطير)!!
وهكذا.. كلما بعث الله (صوتًا) مخلصًا دمرته (الشعوب العربية) بسلاح النكتة؛ كالوزير الأيوبي (بهاء الدين قرة قوش)؛ الذي ظل الشعب (المصراوي) الشقيق ينكِّت عليه؛ إلى أن (بقى أراجوز)؛ لصرامته في إصدار أحكامٍ لم تعجبهم، كمنع (الحشيش)، وإغلاق بيوت (الدعارة)!!
ومن هذه البيئة خرج الدكتور (يوسف زيدان) الذي فوجئ بقهقهة (الجماهير) عندما انتقد (الحتة الوسطانية)، فسأل: إنتو بتضحكوا على إيه؟
لعله أراد أن يسخر، في شعوب (واخدة كل حاقة أفية)!!! نقلا عن مكة

آخر تعليق

لا يوجد تعليقات

arrow up