رئيس التحرير : مشعل العريفي
 مشعل السديري
مشعل السديري

الظلم الأكبر

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

مع أن اليونانيين والرومان القدماء٬ وِمن قبلهم الفينيقيون٬ قد رفعوا شأن المرأة إلى درجة القداسة؛ فأقاموا لها النصب والتماثيل٬ وكادوا يعبدون جمالها ­ باسم (عشتروت) و(فينيس) ­ فإن حريتها عندهم بقيت في الحد الذي أشرنا إليه وقرأت في أحد الكتب الراصدة وتأكد لي ذلك؛ إذ إنهُحّرم عليها حق التصرف والاختيار٬ فكانت في بيت والدها رهن إرادته٬ وفي منزل زوجها طوع أمره٬ وعندما كان يموت زوجها كانتُتفرض عليها وصاية شقيق الزوج أو سواه من أقاربه.
وبعض القبائل كانت تقتل المرأة التي لا تضع ولًدا قوًيا صالًحا للجندية٬ وعند البيزنطيين٬ كانت المرأة الولود تؤخذ على طريق الإعارة لتلد للوطن أولاًدا من رجل آخر٬ فهي هناك كانت محدودة الحرية٬ وفي شرائع الهند القديمة نص يقول: (الوباء والموت والجحيم والسم والأفاعي والنار خير من المرأة)٬ وفي التوراة ما هو أشد من ذلك.
فقد ورد في سفر الجامعة: (درت أنا وقلبي لأعلم ولأبحث ولأطلب حكمة وعقلاً٬ ولأعرف الشر أنه جهالة والحماقة أنها جنون٬ فوجدت ما هو أمّر من الموت: وجدت المرأة التي هي شباك٬ وقلبها شراك٬ ويداها قيود)٬ وهناك أمثلة كثيرة عن هذا التحديد لحرية المرأة٬ ففي الصين مثل يقول: (أنصت لزوجتك ولا تصدقها)٬ وهناك مثل روسي يقول: (لا تجد في كل شعر نساء غير روح واحدة)٬ والمثل الإيطالي يقول: (المهماز للفرس والجواد والعصا للمرأة الصالحة والمرأة الطالحة)٬ والمثل الإسباني يقول: (احذر المرأة الفاسدة٬ ولا تركن إلى المرأة الفاضلة)٬ وشرائع الهند القديمة تعد المرأة من فصيلة الإماء أو الصبيان٬ فقد ورد في شريعة مانو: (لا يجوز ترك أمر المرأة لنفسها)٬ وكان الرومان يجعلون للرجل سلطاًنا مطلًقا على امرأته٬ بيده حق حياتها أو موتها٬ والشريعة اليونانية القديمة لم تعترف للمرأة بأي حق٬ ولا حتى بحق الميراث.
هناك قبيلة عربيةَتِئد مواليد البنات٬ وقديًما في الهند كانت الزوجةُتحرق بعد وفاة زوجها. وعلى صعيد الخرافات: ففي دراسة لما يقارب المائتين من قصص الجنيات للأخوين (غريم)٬ نلاحظ فارًقا كبيًرا بين أخلاق الذكور وأخلاق النساء٬ حيث يوجد في هذه الكتب ست عشرة أًّما أو حماة شريرة مقابل ثلاثة آباء أو أحماء أشرار٬ كما أنه يوجد ثلاث وعشرون ساحرة رديئة٬ وساحران رديئان فقط٬ ثلاث عشرة امرأة يقتلن أزواجهن الذين يحبونهن٬ بينما رجل واحد فقط يؤذي زوجته.
فهل هناك ظلم في تاريخ البشرية أفدح من هذا الظلم للمرأة المغلوبة على أمرها؟! على أية حال نستطيع الآن أن نقول: الحمد لله على نعمة الحضارة٬ والحمد لله على نعمة حقوق الإنسان. نقلا عن الشر الأوسط

arrow up