رئيس التحرير : مشعل العريفي
 خالد السيف
خالد السيف

عَوامٌّ بألقاب فقهية..!

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

لا بأس لو أنّهم كانوا بالعشرات أو حتى بالمئات لكنهم أكثر من ذلك بكثيرٍ، حتى لو أنّ الواحد جزم بأنّهم يُشكّلون: «ظاهرةً» كان من شأنها أن وصمتنا بـ: «العنّة الفقهية» التي كتبتُ عنها قبل ما يزيد على عشر سنوات وما زادتني هذه السنون العجاف فِقهاً إلا توكيداً على أنّ زماننا هذا أولى بكثيرٍ من ذلك الزمن البعيد الذي قال عنه ابن رشد الحفيد: «ولأن هاهنا طائفة تشبه العوام من جهة، والمجتهدين من جهة، وهم المسمون في زماننا هذا بالفقهاء، فينبغي أن ننظر في أي الصنفين أولى أن نلحقهم؟ وهو ظاهر من أمرهم أن مرتبتهم مرتبة العوام وأنهم مقلدون. والفرق بين هؤلاء وبين العوام أنهم يحفظون الآراء التي للمجتهدين فيخبرون بها العوام من غير أن تكون عندهم شروط الاجتهاد، فكأن مرتبتهم في ذلك مرتبة الناقلين عن المجتهدين. ولو وقفوا في هذا لكان الأمر أشبه، لكن يتعدون فيقيسون أشياء لم ينقل فيها عن مقلَّديهم حكم على ما نقل عنهــم في ذلك حكم، فيجعلون أصلا ما ليس بأصل، ويصيرون أقاويل المجتهدين أصولاً لاجتهادهم، وكفى بذلك ضلالاً وبدعة»
هوامش على متن ابن رشد: * لو أنّ ابن رشدٍ أدركَ زماننا هذا فماذا عساه أن يقول عن زمنٍ يتّصفُ فيه كثيرٌ ممن أسبغ عليهم بسخاء باذخ لقب «الفقيه» فيما الواحد منهم يتمتّع بذات العقليّة التي يتوافر عليها «العوام» غير أنّهم يتفوّقون على العوام بتبرّمهم من التفكير وبالتأذي ممن يُعمل فكره على نحو من استجابةٍ للأمر الرباني«لقوم يتفكرون»؟!
* لقد تجاوزنا عصر ابن رشد – ومن قبله – ذلك أنّنا لم نخجل من أنفسنا ونُقدّر للوصف بـ «الفقيه» حقَّ قدره إذ لم يُشبع لقبُ الفقيه نهمة «غرورنا» فما ازددنا إلا تعالياً وتعالماً، وما لبثنا أن جعلنا من «التواضع» ثوب زورٍ غير أنّه لم يصمد إزاء ستر عورةٍ باتت مكشوفةً لكل أحد!! فقد أخرج الحاكم وصححه عن أبي هريرة – رضي الله عنه – أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم – قال: «سيأتي على الناس زمانٌ تكثر فيه القرَّاء، ويقل فيه الفقهاء، ويُقبَض العلم، ويكثر الهرج، قالوا: وما الهرج؟ قال: القتل بينكم، ثم يأتي بعد ذلك زمانٌ يقرأ القرآن رجالٌ لا يجاوز تراقيهم، ثم يأتي بعد ذلك زمانٌ يجادل المنافق الكافر المشرك بالله المؤمن بمثل ما يقول»، وهاهو عبدالله بن مسعود – رضي الله عنه- يجعل مِن كثرة القرّاء وقلة الفقهاء علامةً فارقةً على قلب الموازين واختلال المهام إيذاناً باستطالة عنق الفتنة. حيث أخرج الدارمي والحاكم عن عبدالله بن مسعود -رضي الله عنه قوله: «كيف أنتم إذا لبستكم فتنة: يهرم فيها الكبير، ويربوا فيها الصغير، ويتخذها الناس سُنَّة، فإذا غيرت قالوا: غيرت السنة، قالوا: ومتى ذلك يا أبا عبدالرحمن؟ قال: إذا كثرت قُرَّاؤكم، وقلت فقهاؤكم، وكثرت أمراؤكم، وقلت أمناؤكم، والتمست الدنيا بعمل الآخرة».
* وفي رواية: «قالوا: ومتى ذلك؟ قال: إذا ذهبت علماؤكم، وكثرت جهلاؤكم، وكثرت قراؤكم، وقلت أمناؤكم، والتمست الدنيا بعمل الآخرة، وتفقه لغير الدين» رواه الحاكم وصححه، ووافقه الذهبي، والطبراني في الأوسط وله شواهد في الصحيحين.
نقلا عن الشرق

آخر تعليق

لا يوجد تعليقات

arrow up