رئيس التحرير : مشعل العريفي
 خالد السيف
خالد السيف

السياسةُ هي أن تصمتَ أكثر..!!

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

المعنيون بالدرس السياسي يؤكدون على أنّ: «السياسي» المحنك هو مَن يعمد إلى «الصمت» في كلّ حين فيما: «الكلام» يُضطرُّ إليه في حالاتٍ استثنائيّةٍ ليس يصحُّ معها: «السكوت» بأيّ حال!!
على هذا النحو تغدو السياسة: (فنّ الصمت) لا: (فن الثرثرة)..! ومَن كانت ثرثرته أكثر من «سكوته» كثُر خطؤه وقلّ صوابه!.. وأيّما امرأةٍ أو رجلٍ ممن قبِلوا لأنفسهم الابتلاء بتعاطي: «السياسة» فكان نصيبهم من: «الكلام» أكثر – مليون مرّة – من: «سكوتهم» فاعلموا حيئنذ أنهم قد كانوا في المكان الخطأ الذي سيجعل من دولةٍ ينتسبون إليها محِلاً للتندر وموطناً للتّهكم ذلك أنها لن تكفّ تلك الدولة عن: «الاعتذار» ما بين فينة وأخرى ما يُرشحها تالياً لأن تنال لقب: «دولة الاعتذارات» من بعد ما جرّعها: «سياسيّوها» مرارات: «الكلام» وحرموها حلاوة: «الصمت»!!
فـ «الصمت السياسي» إذن يبقى مرحلة متقدمة من وعيٍ لـ: (لُعبةٍ) ممارستها لا تتأتى إلا لِمَن تتلبسهم حالة: «الصمت» الذي أثبت معه – هذا الأخير – أنّه أبلغ بمراحل من حالات يكون فيها: «الكلام» المعول الذي يقوّض أكثر مما يَبني..! من أجل هذا كله كان: «الصمتُ» ستراً لأيّ «عورةٍ» مغلّظةٍ وغير مغلّظة يُمكن أن تُسفر عنها: «أفواه الساسة» إذا ما ظلّت أفواههم فاغرةً على نحوٍ مضحكٍ يكون الحظّ كله لـ: «الكلام» وإلا فإنّ لـ: «التثاؤب» منه أوفر الحظّ والنصيب!! ولئن كانت خرقة من قماش/ أو خام كفيلة بأن تستر ما بان من العورات فأيّ شيءٍ يُمكن معه ستر عيب مَن كانت عورته: «كلامه»؟!!
إلى ذلك يمكن القول: إن السياسي الذي لم يفقه بعْد درس «فن الصمت» فإنه لا محالة سيقضي بقية حياته السياسية على مرحلتين ثنتين: * المرحلة الأولى ينفقها على الكلام: «.. تصريحات/ إدلاءات/ تعليقات» بينما يقضي: مرحلته الثانية في التبرير لما صدر عن لسانه من: «زلّات» تفوه بها على حين من غيبة العقل!!
الكفّ عن القول: «سياسةً» هو لجام: «السياسي المحنّك» ذلك أن الذين يُطلقونَ العَنانَ لألسنتهم في كلّ شأن إنما أثبتوا – لكلّ أحدٍ – بأنّهم ليسوا من: «السياسة» في شيء! فمَن ابتغى: «ساسةً محنّكين» فليشتغل عليهم في دوراتٍ تُعلّمهم الدرس الأول في فقه السياسة الذي ينصّ على أنّ من أوليات صناعة السياسي (الفاهم) هو مَن كان يتقن: «فن الصمت» بحسبان أن: «فن الكلام» ثرثرةٌ بات يُتقنها كلّ أحد.!
قال أبو حاتم البستي: الواجب على العاقل أن يلزم الصمت إلى أن يلزمه التكلم، فما أكثر من ندم إذا نطق وأقل من يندم إذا سكت. يُخطئ من يحسب – بادي الرأي – أنّ هذه الكتابة تمضي بـ: «السياسي» إلى حيث يكون: «الصمت» المطبق فيخلد إليه! كلا – وألف كلا – إنما أردته: «صمتاً» يتضمّن بين أعطافه: «كلاماً» هو غاية في البلاغ «السياسي المبين» ما جعلني – أسوةً بآخرين – أنعته بـ: «فن الصمت» ذلك أنّ الإتقان لتوقيت: «متى تتكلّم» هو الوجه الآخر لما وصفته بـ: «فن الصمت» الفن الذي لم يُدرج للتو في مقررات: «السياسي العربي»!
بأيّة حالٍ التقيتَ: «سياسياً» سيّان أكان منظراً/ أم ممارساً فأردت أن تمتحن حسّه: «السياسي» فتأمل أولاً شأن: «لسانه» فإن أبصرته رطباً من كثرة الثرثرة فاعلم – علم يقينٍ – أنّ حسّه السياسي صفر، إذ الحس السياسي إنما تقاس درجة رهافته فيمن كان: «لسانه محفوظاً»!! بشهادة خبراء السياسة فإنّ: «فن الصمت» هو أفضل حلّ لأي مشكلة سياسية بالغة التعقيد، بخاصةٍ إذا ما كان النقاش يحتدم فيها وحولها على نحوٍ من مماحكة بائسةٍ لا يُمكن أن يصدر عنها من خير لـ: «الشعوب» المغلوب على أمرها بالصمت الاضطراري!!
وقديما قيل: لن تكون سياسياً محنكاً حتى تتعلم فن: (الصمت) ومن قبل صحّ عنه صلى الله عليه وآله وسلم قوله: «من كان يؤمن بالله واليوم فليقل خيراً أو ليصمت». وفيما روي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قوله «إذا تم العقل نقص الكلام»، وقال: «بكثرة الصمت تكون الهيبة» وقلّما أحدٌ حافظ على معنى هذين البيتين المحفوظين لفظاً: الصمت زين والسكوت سلامة فإذا نطقت فلا تكن مهذارا ما إن ندمت على سكوتي مرّة لكن ندمت على الكلام مرارا

نقلا عن الشرق

آخر تعليق

لا يوجد تعليقات

arrow up