رئيس التحرير : مشعل العريفي
 خالد السيف
خالد السيف

التقرّب إلى الحُكّام بالكذبِ على النبيّ محمد صلى الله عليه وآله وسلم..!

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

ما من طريقٍ يُمكنُ أن ينتهي بهم إلى «الخليفة/ السلطان» والقرب منه إلا سلكوه، ذلك أنّهم آثروا الحياة الدنيا على الآخرة، وابتغوا ما عند «الحاكم» في الخزينة؛ إذ باعوا دينَهم بعَرضٍ من الحياة الدنيا! الأمر الذي دفعهم إلى أن يتجاوزوا صناعة «الفتيا» على (عين السلطان) إلى ما هو أعظم من ذلك بحسبان «الفُتيا» لا تعدو أن تكونَ محض اجتهادٍ «بشريٍّ»؛ إذ سينشط «المخلصون» في تقويضها ونقضِ ما من أجله قد أُبرِمت والإبانة مِن ثَمَّ عن تهافتها..
إذن فـ «الفتوى» وَفق مُرادات «السلطان» قد لا تفي بالقُرب منه والحظوة لديه كما كان يُخطط له المتزلّفون إلى عتباتِه، فلم يكن بُدٌّ من تجاوزها إلى ما هو أمضى «سلاحاً» في الارتماء بأحضان «الخليفة/ السلطان».. ولم يصدقوا خبراً – لرقةٍ في دينهم – فتجاوز الفتيا «وهندستها» وَفق معمار الخليفة إلى حيثُ صناعةُ «أحاديث» على لسان محمد صلى الله عليه وآله وسلم لتُصبح «ديناً/ وحياً» ليس لأيّ أحدٍ الجرأة على مقاربة ردّها أو هكذا أوحت لـ «الوضّاعين» ظنونهم بادي الرأي! وما علموا أنّ ثمة جهابذة كانوا لهم بالمرصاد في نفي خبث وضعِهم وتعرية ما انتحلوه من باطل.
أو تذكرون الخليفة العباسي المهدي، ذلك الذي أنشأ ديواناً للقضاء على «الزنادقة»!! وأعملَ فيهم القتل.. وجاء من بعده خليفته «هارون»؛ إذ اقتفى أثر والده في قمع الزنادقة، فقتل منهم خلقاً كثيراً في العام 170 هـ ؟! من المفارقات التي يجب ألّا تفوت أنهما وبخاصةٍ «المهدي» كان لا يني في الاحتفاء بـ «الوضّاعين» ولم يكن يجد أدنى حرجٍ «شرعيٍّ» في الإغداق عليهم – من خزينة الخلافة – مع علمه بكذبهم على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
وممن عُرف بوضع «الأحاديث» تملقاً للملوك/ الخلفاء «غياث بن إبراهيم بن طلق بن معاوية النخعي الكوفي/ من القرن الثاني الهجري»؛ إذ كان يرتاد مجلس الخليفة العباسي المهدي (ت 169) فأدخل عليه ذات مرّةٍ وأمامه حمام كان يلعب بها، فقيل له: حدّث أمير المؤمنين، فحدّثه بحديث أبي هريرة الصحيح – كما هو عند أصحاب السنن – «لا سبق إلا في خف أو نصل أو حافر «إلا أنه زاد فيه «أو جناح» وكانت تلك الزيادة من كيسه – كذباً – للتتفق والحالة التي كان عليها الخليفة مع «الحَمام»!! انتظر مَن حول «المهدي» أن يفتكَ بهذا الوضّاع؛ إذ خطره على «الدين» لا يقل عن جرم ما أحدثه «الزنادقة» أولئك الذين ما سلِموا من سيف «المهدي» عدو الزنادقة!! غير أنّ «المهدي» وعقب أن أمر له بعشرة آلاف درهم لم يزد على أن قال عن «غياث» حين قام: أشهد أنّ قفاك قفا كذّاب على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وإنما استحليت ذلك أنا. ثم ما لبث أن أمر بذبح الحمام فذُبحت.!
لعل ثمّة من يقول: إنّ ذبح هذا «الوضاع» كان بكلّ مسوّغات – قتل الزنادقة – أولى من ذبح الحمام، ذلك أنّ «المهدي» حامي حمى «الدين»!! قلتُ: إنّ المهدي بحسٍّ سلطوي آثر أن لا يخسر «غياثاً» فأبقاه «حيّاً» ونحله «مالاً» لأنه عمّا قريب سيحتاج إليه في «وضع أحاديث» ستُصبح فيما بعْدُ «ديناً» حتى يكون التوريث/ والاستبداد (شريعةً)! وبرهان ذلك: أنّ الخليفة المهدي – نفسه – قد اغتمّ كثيراً لما أن أتاه نعي «مقاتل بن سليمان البلخي» – وهو الوضاع – المشهور -، وحسبك في ذلك أنّ المهدي هو من أخبرنا أنّ مقاتلاً البلخي قال له «إن شئت وضعتُ لك أحاديث في العباس!! فرد عله المهدي: لا حاجة لي فيها..»!
وظلّ سيفه مغمداً على الرّغم من أنه كان من أشهر خلفاء بني العباس الذين جرّدوا سيوفهم وأمضوها في قتل عشرات الآلاف ممن وُصموا بـ «الزندقة» وكثيرٌ منهم لم يكن على شيءٍ من «زندقة»، بيد أنّهم قد تلبّسو بمواقف «سياسيةٍ» فتورّطوا بمقالاتٍ قد لا تتفق والسياسة التي كان عليها الخليفة! ولنأخذ مثلا على بعض من تلك الأحاديث المكذوبة: روى الكذّابون بأسانيدهم الباطلة عن العباس في حديث طويلٍ يعنينا منه ما يلي:»… فقلت: يا رسول الله، ما شيء أخبرتني به أم الفضل، عن مولودنا هذا؟ قال: نعم يا عباس إذا كانت سنة خمس وثلاثين ومائة فهي لك ولولدك، منهم السفاح، والمنصور، والمهدي». وليس للحديث من معنىً إبان تلك الحقبة العباسية غير: أنّ من يناصب خلفاء بني العباس العداء فليس سوى زنديقٍ حلال الدّم وقتله من الصالحات التي يُتقرّب بها إلى الله تعالى!! ذلك أنّه ردّ حديثاً منسوباً للنبي -صلى الله عليه وآله وسلم- وتطاول على مجريات قدر الله تعالى!!
نقلا عن "الشرق"

arrow up