رئيس التحرير : مشعل العريفي
 فهد عامر الأحمدي
فهد عامر الأحمدي

خرافات حول بدء الخلق

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

توجد حول العالم 4 ديانات كبيرة (لا يقل أتباعها عن بليون نسمة) و15 ديانة متوسطة (لا يقل أتباعها عن مليون نسمة)، وأكثر من 400 ديانة صغيرة (بين المليون والألف) ناهيك عن آلاف المذاهب الفرعية والفرق المارقة والطوائف السرية..
وكل واحدة من هذه تملك قصتها الخاصة عن بدء الخلق وظهور الانسان. لاتتفق سوى في أسبقية العدم قبل ظهور العالم إلى الوجود بسبب إرادة عليا خارقة..

وأسبقية العدم لا تشترك فيها فقط الديانات الابراهيمية الثلاث، بل وأيضا علم الفلك الحديث الذي يفترض أن الكون ظهر من خلال انفجار عظيم بدأ على إثره المكان والزمان والطاقة والمادة وكافة الأشياء..
وتشترك الأديان التوحيدية في فكرة وجود إله أزلي لم يسبقه أحد تسبب في بدء الحياة وظهور الكون من العدم..
أما الأديان الوضعية فتتضمن أساطير وخرافات تبدأ بانبثاق "كبير الآلهة" الذي؛ إما خلق الكون والبشر، أو أنجب آلهة أصغر تولوا بالنيابة عنه مهمة الخلق وإدارة الكون، بحيث أصبح هناك إله للأرض وإله للبحر وإله للمطر وإله للرياح..
فحكاية الخلق اليونانية تدعي مثلا أن الكون كان خرابا وظلاما.. ومن الظلام ولدت أم الآلهة جايا التي ولدت أورانوس واتخذته زوجا لها.. ومن هذين الزوجين ولدت الأرض والسماء وأنجبا الآلهة والعمالقة في الأرض..
أما قصة الخلق الهندية فتتحدث عن كبير الآلهة كريشنا الذي بكى من الوحدة فنزلت دموعه كقطرات تكونت منها الشمس وبقية الكواكب.. ثم صب على الأرض ماء الحياة فنبت منها البشر وكافة المخلوقات..
أما قصة الخلق اليابانية فتتحدث عن بيضة أزلية كانت تغوص في ظلام دامس حتى انفصلت الى قسمين؛ صلب رسب للأسفل فأصبح أرضا، وبخار ارتفع للأعلى فصار سماء..
وفي الفلبين تتحدث الأسطورة عن خالق أزلي خلق الملائكة وأمرهم ببناء جنة على الأرض.. وحين نظر إليها أعجب بها فأمر ببناء سبعة آلاف جزيرة مماثلة (هي عدد جزر الفلبين)..
حتى الديانات الوضعية الصغيرة تشترك في فكرة وجود خالق أزلي أول ووحيد.. خذ مثلاً قبائل البشونغو في إفريقيا الوسطى التي تعتقد أن الإله بومبا أصيب بألم في معدته فاستفرغ الشمس أولاً ثم القمر والنجوم وبعض الحيوانات كالنمر والتمساح والسلحفاة، ثم الإنسان...
أما قبائل المايا في أميركا الوسطى فتعتقد بوجود إله أزلي قرر خلق من يقدر عمله فخلق الأشجار والحيوانات أولا.. ولكن؛ لأن الحيوانات لم تكن تتكلم قرر خلق الإنسان لينطق ويشكره!
.. ورغم أن قصص الخلق تدخل دائما تحت خانة الخرافة والأسطورة، إلا أن مجرد وجودها في كافة الثقافات دليل على شبق الانسان بالمعرفة وبحثه الأزلي عن كيفية بدء الحياة ومسببها الأول!
.. الجميل في فكرة الخلق في الإسلام أنها لم تفرض تصورا أو شكلا معينا لمن خلق السماوات والأرض.. فجميع الأديان السابقة إما صورت الخالق كإنسان بشري يعيش ويأكل وينجب في السماء (كما هي الفكرة المسيحية مثلا) أو مخلوق أسطوري هجين يملك مشاعر ونوازع متقلبة (كما هي حال معظم الأديان الوثنية) ناهيك عن بيضة وتمساح ورجل يتقيأ وأم تتزوج ولدها..
الإسلام وحده لم يمنح الخالق أي صفة تحد من قدراته وقال عنه فقط (ليس كمثله شيء وهو السميع البصير).. أضف لذلك أن الدين الإسلامي لم يمنحنا تفاصيل كثيرة عن كيفية بدء الخلق وترك لنا بكل بساطة حرية البحث في هذا الأمر (قل سيروا في الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق) دون أن يلزمنا بقصص خارقة أو أساطير ساذجة لا يقبلها عقل ولا منطق..
نقلاً عن الرياض

آخر تعليق

لا يوجد تعليقات

arrow up