رئيس التحرير : مشعل العريفي
 أ.د.صالح بن سبعان
أ.د.صالح بن سبعان

جمعية لحقوق الإنسان في بلاد الإسلام...لماذا ؟

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

هل كنا في حاجة حقيقية إلى جمعية سعودية لحقوق الإنسان؟ كان هذا هو السؤال الأول الذي قفز إلى ذهني مباشرة بعد إشهارالجمعية في المملكة العربية السعودية فمع أنني أعد نفسي من أخلص دعاة الإصلاح والصلاح في المملكة, وظللت أكتب معبرا عن هذه الرؤية قبل 15 سنة, إلا أنني أعتقد أن الصيغة المثلى للإصلاح لا يمكن أن تكون بتقليد النموذج الغربي في التحديث, ولا في الانقياد غير المشروط لرؤيته. التأسيس على التقوى ــــــــــــــــــــــــــــــــ ومصدر عجبي اليوم أننا بعد نزول القرآن قبل أكثر من 14 قرنا ننشئ جمعية لحقوق الإنسان في بلد الإسلام. ألا يدعو هذا إلى العجب بل ويثير الحزن؟! ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ وجه الغرابة يأتي من أن الدولة السعودية الحديثة منذ إرساء قواعدها على يدي الملك الرائد المؤسس عبدالعزيز-طيب الله ثراه- وضعت القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة أساسا للدولة الوليدة التي استطاعت بفضل الله أن تلملم شتات ما مساحته أربعة أخماس جزيرة العرب في دولة واحدة, وأن تنتظم بانسجام خيوط متناثراتها القبلية, ولم يكن ذلك ممكنا إلا بأن يكون القرآن والسنة النبوية المطهرة, هما الخيط الذي يربط الجميع بحبل قوي يشد هذه الأطراف القارية الشاسعة. مستويات الخطاب الإسلامي ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ وهذا من المبادئ والأسس القرآنية الراسخة، إذ إن القرآن يخاطب الناس على مستويين: فهو يخاطب البشرية بـ«الناس» بشكل مطلق, كما أنه يخاطب المؤمنين والمسلمين بتخصيص هذه الصفة الإيمانية في المسائل التشريعية, سواء على صعيد العبادات أو المعاملات. مفهوم هلامي غامض ــــــــــــــــــــــــــــــ لقد كتبت من قبل بمناسبة انعقاد ندوة حقوق الإنسان في الإسلام في الحرب والسلم في الرياض «أن شماعة حقوق الإنسان التي يطرحها الغرب «الأورو/أمريكي» اليوم إن هي إلا ذريعة لشن حرب على الدول التي لا تنساق لركبهم من ناحية, وأنه من ناحية أخرى عملية اختراق أو فخ ثقافي تقع فيه المجتمعات غير الغربية وفق النموذج الغربي عن طريق فرض المفاهيم. وأحب الآن أن أؤكد أن مفهوم حقوق الإنسان بصيغته الحالية هو نبت ثقافي غربي وأنه هلامي, وغير واضح المعالم, وأنه مفهوم وضعي ابن فلسفة وضعية ومن ثم فإنه مفهوم نسبي. وإلا ما الذي يبرر الانتهاكات الفجة والقبيحة لحقوق الإنسان التي تتم على يدي الولايات المتحدة ومؤسساتها الرسمية في غوانتنامو؟! اتهمت منظمات حقوق الإنسان الولايات المتحدة بأوضح التهم بانتهاكات حقوق الإنسان في أفغانستان، وكان رد الولايات المتحدة الذي يدعو للسخرية ويفضح زيف شعاراتها الإنسانية أن هذه المنظمات لم تراع خصوصية ظروف قواتها في ذلك البلد المسلم حين وضعت وصاغت هذه التقارير. وكأن هناك مبررا لانتهاك حقوق الإنسان! أو لم تأخذ الولايات المتحدة الكل بجريرة البعض مخالفة في ذلك النص القرآني «ولا تزر وازرة وزر أخرى», حين انتهكت عبر مؤسساتها الرسمية كرامة وحرية وحقوق كل المسلمين والعرب داخلها عبر إجراءات تعسفية, بل سنت القوانين والإجراءات مما يعد انتهاكا لكرامة من يدخل أراضيها بالتعامل معه من هذه الشعوب وكأنه إرهابي محتمل في مطاراتها بإجراءات استثنائية, ثم أليس في هذا تفرقة عرقية ودينية لا يمكن أن نسمح لأنفسنا به وفق ضوابط شرعنا الإسلامي وإرثنا الثقافي والأخلاقي وتقاليدنا الاجتماعية؟ كلمة أخيرة ـــــــــــــــــ مع كل تقديري واحترامي لأعضاء الجمعية السعودية لحقوق الإنسان, ومع كامل تسليمي وامتثالي لولاة الأمر الذين أقروا إشهارها, إلا أنني أعتقد, بل وأجزم بأننا متى ما أنفذنا شرع الله الذي جعلناه أساسا ومنهجا لحياتنا السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والأخلاقية, ومتى ما قمنا بتفعيل المؤسسات التي أقمناها في المملكة على هدى هذا الشرع, ومتى ما تسلحنا بالإيمان الحقيقي ومخافة الله وتقواه فيما نفعل ونقول, فإننا لن نجد أنفسنا في حاجة إلى جمعية مثل هذه. لأن حقوق الإنسان في النهج الإسلامي لا تتجزأ ولا تختزل في جمعية, إذا ما تعاملنا مع الإسلام كنظام حياة متكامل. وإذا وجدت عندنا انتهاكات لحقوق الإنسان, فإننا يجب أن نعترف بأن هذا نقص وعيب فينا, وأنه دلالة على أننا خرجنا عن النهج الإلهي الذي وضعه لنا كاملا في دستوره الأزلي القرآن الكريم وأوضحه سبحانه وتعالى في سيرة رسوله خاتم الأنبياء عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم.

آخر تعليق

لا يوجد تعليقات

arrow up