رئيس التحرير : مشعل العريفي
 خالد السيف
خالد السيف

الانتحار نهاية كلّ ممثل كوميدي..!!

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

لعلّ الممثل الهندي «ساي براشانت» من آخرهم «انتحاراً» ذلك أنّ السلطات الهندية قد عثرت على جثة هذا النجم التلفزيوني (الكوميدي ساي) ميتاً في منزله عقب إقدامه على «الانتحار» بخلط الكحول بالسم عن عمرٍ يُناهز الثلاثين عاماً تاركاً وراءه رسالةً يَشرح فيها السبب الذي اضطره إلى أن يُنهي حياته بهذه النمطية «التراجيدية» التي جاءت خاليةً من أيّ ملمح كوميدي!!
مصادر صحافية أفادت بأنّ «ساي براشانث» الذي تزوج قبل 3 أشهر من إقدامه على الانتحار شرح في الرسالة أنه الوحيد المسؤول عن موته وطلب من زوجته أن تسامحه وأن تخبر ابنته من زواجه الأول أنه كان يحبها.. وأضافت ذات المصادر قولها بـ: أنّ النجم التلفزيوني كان يمر بمرحلة اكتئاب ولم ينجح زواجه الجديد بإخراجه منها فكان لا بد من أن يُنهي حياته.
على هذا النحو (الدرامأساوي) يختار الممثل «الكوميدي» الطريقة التي يودّع بها الدنيا دون أن يحمل معه أيّ شيءٍ من متاعها ذلك أنّ «الحياة الآخرة» لها قانونها الذي لا يتفقُ – بأي حالٍ – مع قانون هذه الحياة الفانية.!
تتبّعْ من تشاء من مبدعي «الكوميديا» عالمياً عربياً/ خليجياً/ محلياً (أصلا ليس لدينا إلا واحد بينما البقية من سقط المهرجين) على أيّ حالٍ.. فإنّه حين التتبع لحياة هؤلاء المشاهير من السابقين كـ (تشارلي شابلن، ريتشارد بريو، سبايك ميليجان إلى.. فيلدز وليني بروس ومارتي فيلدمان) وآخرين جاءوا على إثرهم من اللاحقين عالمياً إضافةً لشرذمة قليلة من ممثلين عرب كـ»عادل إمام ودريد لحام.» ومن قبلهما الأشهر «إسماعيل ياسين» نستطيع القول: إن التتبع لحياة هؤلاء ستجدها حياةً متخمةً بكلّ أنواع الاضطراب المأزوم الذي لا يُولّد إلا توتراً أحالَ حياتَهم جحيماً لا يمكن أن يُطاق!! وستفجعك حينذاك الكمية الكبيرة من الحزن الذي رافقهم في كلّ مراحلهم الحياتيّة ما جعل «الأسى/ والحزن» هو العنوان الرئيس لحيواتهم وذلك لجملةٍ من أسباب مختلفةٍ منها ما يرجع إلى عذابات اليُتم وقسوة العيش دون «أسرة» ولا تسأل إذ ذاك عن طفولةٍ منقعةٍ بتعاسةٍ لا يعرفها الأسوياء عادة!
وثمّة أسباب أخرى يحضر فيها وبقوةٍ الجانب الانتكاسي «المثلي»! جرّاء فجور «الاغتصاب» الذي كان واحداً من ضحاياه..! فيما التورط بإدمان الكحول والمخدرات كانت هي الوضعية التي لا تبرحهم.. إلى غيرها من أسبابٍ من شأنها أن تُنشئ حياةً لا تعرف الاستقرار بخاصةٍ أنّ «السلم الاجتماعي» من أولوياتها هذا إن كانت تعرفه ذلك أنّها (شخصية الممثل الكوميدي) تبقى مُنتجاً لأسرةٍ- إن وجدت – كانت قائمةً على الخصومة والتنازع والعراك الأمر الذي كان فيها «الشارع» أرحم لهم بكثيرٍ من بيوتاتهم!!
إنّ مثل هذا التكوين المضطرب لا يُنتظر منه إلا إفراز شخصيةٍ لا تعرف إلا الثقة المهتزّة بنفسها ما يدفعها باتجاه الإحساس باليأس الذي يلازمها – طيلة حياتها حتى المتخم منها نجوميّة/ وشهرة – وإن سعت جهدها فيما بعدُ أن تُخفي – إحساسها باليأس والقنوط الذي يتلبّسها – بقناع «الكوميديا» الذي يظلّ عصياً على إخفاء معالم «القنوط والشعور بالإحباط» ذلك الذي يُفضي بداهةً إلى سيطرة عقلية الميل نحو التمرد انحرافا بكافة أصنافه.. وبسببٍ من هذا قلّما تجد «ممثلاً» بعامةٍ و «وكوميديا» بخاصة» إلا وهو غارق في الإدمان حتى أذنيه ولعل هذا ما يُفسّر ما تستغرقه بعض المشاهد من طول وقتٍ/ وتكرارٍ مبالغٍ فيه في إعادة التصوير!!
إلى ذلك يُمكن القول: إن ظاهرة «الانتحار» في سياق هؤلاء «الكوميديانيين» تأتي طبيعيةً بوصفها أحد الحلول الأكثر ملاءمةً لمن كانت حياتهم على الحقيقة تحمل كلّ هذا البؤس/ والاكتئاب الذي لا يُحتمل!! فالانتحار إذن أثبت أنه الأكثر نجاعةً للقضاء على الإحساس بالألم كما أنه الأسهل في العمل على إنهاء حالة الشعور الملازم بقسوة عذابات الحياة التي لا تُطاق ما يعني أنّه ليس أمام «الكوميدي» سوى أن ينتحر إذا ما رغبَ أن يجد (خلاصه) بطريقةٍ لا تقلّ مأساويةً عما عاشه قبلاً!!
ولأن هذه الكتابة تأتي راصدة وليست تُلقي الكلام على عواهنه يُمكنكم أن تبحثوا عن هؤلاء «النجوم» وكيف كانت نهاية حيواتهم.. مثلاً:
* تشارلي شابلن (له مذكرات مهم أن تقرأوها وهي بعنوان قصة حياتي.. ولعلها هي من حرّضتني على كتابة هذه المقالة)
* اسألوا عن المهرج – الكوميدي – البريطاني «مارسلين» وستسمعون حينها طلقاً نارياً من مسدسه الشخصي وجد على إثرها ممدداً في المبنى الذي استأجره..! * وعن شارلي شابلن وفق – قصة حياتي – نقرأ أخبارا مفزعة عن مجايليه قضوا نحبهم بالطريقة إياها من مثل:
* ف.إي دنفيل وكان كوميديا مرموقاً ومارك شيريدان أحد الكوميديين الأكثر شهرة في إنجلترا!!. وأخيراً «فرانك كوين» الذي كان رفيقاً لـ «شارلي شابلن» إذ شاركه التمثيل في برنامج واحد هو الآخر أنهى حياته بطريقة مفجعة حيث ذبح نفسه قاطعا رأسه تقريباً!!
ستقول عن كل هؤلاء بأنهم كانوا «قدماء» أجيبك ألم تقرأ في خبر المعاصرين كيف كانت نهاية الكوميدي الأمريكي «روبن ويليامز»؟! باتت متاحة في «النت» وبشيءٍ من تفصيلٍ ينتهي بك
– من بعد القراءة لها – إلى الاتفاق مع ما كتبتُ! تبقّى أن أُفطنك إلى أنّ ثمّة تكتيما إعلامياً «عربياً» على انتحار الممثلين لدينا فيما الذي يقرأ ما بين السطور سينكشف له ما غُطي من «الحقيقة» المفزعة.
نقلا عن "الشرق"

آخر تعليق

لا يوجد تعليقات

arrow up