رئيس التحرير : مشعل العريفي
 فهد الأحمري
فهد الأحمري

جيوش الظلام

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

بعض أفراد الجيل الحالي لا يكاد أن يصدق ما حدث من تشدد وغلو في زمن الصحوة ولا يستطيع تخيل بعض تلك الأحداث التي تروى لهم من جيل سبقهم عاصر أحداثها المريرة في نواح عديدة جعلتنا في وضعية متأخرة في حياتنا الاجتماعية والاقتصادية والتنموية بل وجعلتنا، كمجتمع وأفراد، في حالة توجس أمام المشهد العالمي، حتى وصلنا لمرحلة الاعتدال التي ينعم بها الجيل الحالي، مما يتحتم على ممارسي الإعلام التحدث عن تلك الحقبة لتوعيتهم من مخاطر عودتها.

غير أن الملفت وجود أصوات تدعو للتوقف عن الخوض في تلك المرحلة بحجة أن الصحوة ذهبت ولا جدوى من الحديث عنها في مجالسنا الخاصة والعامة وكذلك المنصات الإعلامية ويطالبون أيضا بالتوقف عن الأعمال الفنية الدرامية التي تحاكي تلك المرحلة الصحوية.

تذمر مثل هؤلاء عن التذكير بكوارث الصحوة على بلادنا ومجتمعنا وأفرادنا يدعو للتأمل والريبة من توجههم وأهدافهم! فهم يوقِعُون أنفسهم في مأزق التعاطف مع التطرف أو التشدد والأخير هو أدنى مستويات الصحوة البئيسة.

ندرك كذلك أن من يناضل عن الصحوة اليوم، بعضهم كانوا مستثمرين فيها ماديا ومعنويا والأخيرة يقصد بها استثمار الوجاهة الاجتماعية (من خلال توشح البعض المظهر الصحوي وتصدر المجالس والكيانات العامة والخاصة).

فئات أخرى استثمرت المرحلة في الجانب المادي وجمعوا ثروات بين المتوسطة والطائلة، ولا اعتراض في جانب الرزق إلا ماكان اعتداء على المال العام أو تضليل عامة الناس. وفئة أقل وهي التي تهون من شأن الصحوة جهلا منهم، غير مدركين للخطر الذي شكلته تلك الحقبة والقلق من عودتها مجددا.

لقد كانت الصحوة ظاهرة اجتاحت العالم الإسلامي بل وتعدته، ومن الخطيئة أن نعتقد بزوال الظواهر المتعدية بشكل تام فالظاهرة قد تكون خافتة متوارية تنتظر الفرصة السانحة لأن جذورها متأصلة وعميقة.

هناك من يتعاهد سقي تلك الجذور والعناية بزروعها لإعادة المشهد الظلامي وضرب مشروع التسامح والاعتدال الذي ننعم به وفق الشريعة السمحاء والأحكام القطعية الثبوت مع احترام الآراء الفقهية الأخرى وعدم فرضها على النسق الاجتماعي والنظامي.

ومن هنا وجب التأكيد دوما بأهمية التسامح ونعمة الاعتدال مع عدم إغفال الظاهرة الصحوية المتوارية وكوارثها والتي دامت نحو أربعة عقود وعدم القطع بزوالها تماما لمجرد تهدم بنيانها وانكشاف شأن رموزها.

ويبقى الحديث عن تراجيديا الصحوة والتوعية بماضيها الظلامي متواصلا بالتزامن مع دعوة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان ومقولته الخالدة: سندمر التطرف فورا ونسحق الأفكار المتطرفة ونعيش حياة طبيعية.

وجيوش الظلام تزحف زحفا

وثقال الأقدام تسحق سحقا

نقلاً عن "مكة"

آخر تعليق

لا يوجد تعليقات

arrow up