رئيس التحرير : مشعل العريفي
 بدر بن سعود
بدر بن سعود

حقوق الإنسان البيئية أولاً

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

التغيرات المناخية تنتهك حقوق الإنسان الاقتصادية والاجتماعية والصحية، وتعتبر، في رأيي، الأهم ضمن منظومة الحقوق، والمواجهة معها تحتاج صناديق تعويضات للدول الفقيرة، وبما يساعدها على التعايش مع مشكلات الاحتباس الحراري.

تزامن قمة المناخ مع قمة مبادرة الشرق الأوسط الأخضر

قمة المناخ في شرم الشيخ المصرية بدأت في السادس من نوفمبر الحالي وستستمر لأسبوعين، وهذه القمة تحمل الرقم السابع والعشرين في قائمة قمم المناخ أو كوب 27 مثلما يسمونها، وقد تزامن معها عقد القمة الثانية لمبادرة الشرق الأوسط الأخضر، وذلك برعاية مشتركة من سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان والرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، والقمتان تعبران عن أولويات العالم في المرحلة المقبلة، فقد ركزت قمة المناخ المصرية على مسألة الأضرار والخسائر، وأدرجتها ولأول مرة على رأس جدول أعمال القمة، ووفق مبدأ العدالة المناخية، التغير في المناخ تتحمل مسؤوليته الدول الغربية وثورتها الصناعية بالدرجة الأولى، ومن الواجب عليهـا أن تدفع الفاتورة للدول الفقيرة التي تضررت بفعل تصرفاتها، وستعمل مبادرة الشرق الأوسط الأخضر على خفض انبعاثات الكربون وإعادة تدويره، وبما يحقق الحياد الكربوني، وعلى زراعة 50 مليار شجرة في المملكة ودول المنطقة، واستصلاح عشرة ملايين كيلومتر مربع من الأراضي المتدهورة بفعل الرعي الجائر والتصحر والجفاف، واستخدام الوقود النظيف في الطهي وبما يفيد 750 مليون شخص حول العالم، مع دعم سعودي للمبادرة بقيمة مليارين ونصف المليار دولار، وكلا القمتين ستسهمان في معالجة ظاهرة الاحتباس الحراري أو تحولان دون تفاقمها بأقل تقدير.

بايدن تعهد بتقديم 11 مليار دولار ولم يصل إلا مليار واحد فقط

دول مجموعة العشرين، وفق ما أوردته بي بي سي البريطانية، وتحديداً أميركا والصين والهند تتحمل ما نسبته 75 % من انبعاثات الكربون المؤدية إلى الاحتباس الحراري، ودول المجموعة الإفريقية التي تمثلها مصر في القمة لا تتحمل إلا 4 % من هذه الانبعاثات، والدول النامية تمثل أكبر كتلة تفاوضية لأنها تضم 134 دولة، ومعظمها استبدت بها الظروف المناخية الحادة ومضاعفتها، واللافت أن إدارة بايدن تعهدت في عام 2021 بتقديم إعانات بقيمة 11 مليار دولار لمساعدتها في أزماتها البيئية، ولم يصل إلا مليار واحد لا أكثر.

أميركا وأوروبا منشغلتان بأزمة أوكرانيا

أميركا وأوروبا منشغلتان بأزمة أوكرانيا، وبإعادة توجية الأموال للأوكران، وبالعودة مجدداً لاستهلاك الوقود الأحفوري والفحم الحجري، ومن الأمثلة، ألمانيا وفرنسا وهولندا، ورجوعها للاعتماد على الفحم الحجري رغم الاتفاق الأوروبي بإيقافه في 2030، وحتى أميركا تراجعت عن قيودها على النفط الصخري، والدول الصناعية الكبرى قدمت التزاماً في قمة باريس عام 2015، ووعدت بأنها ستوفر مئة مليار دولار سنوياً للدول النامية حتى 2025، وبما يمكنها من التكيف مع التغيرات المناخية، ولكنها لم تدفع دولاراً واحداً منذ التزامها ولا أتصور أنها ستدفع.

في دراسة لجامعة ستانفورد الأميركية، قام باحثون بتحديد العلاقة بين معدل الدخل والتغير المناخي في 19 دولة طوال خمسين عاماً، ولاحظوا أن الدول التي زادت انبعاثاتها ارتفع فيها معدل دخل الأفراد بنسبة 13 %، وأنها كانت من الدول الصناعية، وفي المقابل، الدول التي قلت انبعاثاتها المضرة بالبيئة، تراجع فيها دخل الأفراد بنسبة 27 %، وكلها من الدول النامية، بخلاف أن تغيرات المناخ، حسب منظمة الصحة العالمية، تؤثر على صحة الشعوب النامية، لأن أنظمتها الصحية ليست متطورة، ما يجعل أمراض كالكوليرا والملاريا قاتلة لهم، والتغير المناخي يربك التوازن الفسيولوجي والسيكولوجي للناس وقد يؤدي بهم إلى الانتحار والقلق والعنف، وبطبيعة الحال، معدل إنتاج الغذاء العالمي سيتأثر، ما سيؤدي حتماً إلى صراعات وحروب أهلية وإرهاب وعدم استقرار، وهذا سيحدث في الدول النامية بدرجة أكبر، وستكثر حالات الهجرة والنزوح.

العشرة أعوام السابقة كانت الأسخن في تاريخ الأرض

العشرة أعوام السابقة كانت الأسخن في تاريخ الأرض، مقارنة بالمئة والعشرين ألف عام الماضية، والسبب أن الغازات الدفيئة وصلت لأعلى مستوياتها منذ أربعة ملايين عام، وزيادة حرارة الأرض أذابت الجليد بمستويات قياسية وصلت إلى تريليون طن في العام، وهو ما سيرفع من مستوى البحار والمحيطات، وسيزيد من احتمالات الكوارث الكابوسية على المناطق الساحلية، بالإضافة إلى أن الميكروبات والفيروسات المتجمدة في طبقات الجليد ستبعث من جديد، وستظهر أمراض لا يملك الإنسان مناعة ضدها، واستمرار الأوضاع المناخية الحالية من دون تغير، سيؤدي بالتأكيد إلى انقراض قرابة 50 % من كل الكائنات الحية في 2050، وسيكلف العالم خسائر تقدر بنحو 14 % من الناتج الإجمالي العالمي، أو ما يصل إلى 23 تريليون دولار، وفق ما نشرته صحيفة نيويورك تايمز.

التغيرات المناخية تنتهك حقوق الإنسان من جميع الجوانب

التغيرات المناخية تنتهك حقوق الإنسان الاقتصادية والاجتماعية والصحية، وتعتبر، في رأيي، الأهم ضمن منظومة الحقوق، والمواجهة معها تحتاج صناديق تعويضات للدول الفقيرة، وبما يساعدها على التعايش مع مشكلات الاحتباس الحراري، وفي العام الحالي، داهمت التقلبات الجوية نتيجة للاحترار، العراق والسودان وباكستان وبنغلاديش وماليزيا وكينيا وموزنبيق وروندا وبوليفيا، وكلفتها خسائر بمليارات الدولارات، ولم يلتفت أحد لمساعدتها بصورة كافية، والمملكة باحتضانها مقر الأمانة العامة لمبادرة الشرق الأوسط الأخضر تقدم مثالاً مبدعاً ومحفزاً، وبالأخص في مجال التخطيط والالتزام البيئي على المستوى الإقليمي وربما العالمي، وأجد أنها مؤهلة أكثر من غيرها لاقتراح مبادرة ثالثة باسم العالم الأخضر.

نقلا عن الرياض

آخر تعليق

لا يوجد تعليقات

arrow up