موقف وزارة الماكنتوش من المنع الإيطالي
على وزارة التعليم السعودية، أن تهتم بمناهج الحاسب في التعليم العام، فمن غير المعقول اقتصار مواده على تدريس أنظمة قديمة تجاوزها الزمن كماكنتوش وويندوز، وكذلك عدم إشراك خبراء اقتصاد في التخطيط لما يدرس بالمدرسة والجامعة، والتأكد من مناسبته لاحتياجات السوق السعودي..
في 22 مارس أو قبل أكثر من خمسة أسابيع، أشار تقرير صادر من مجموعة باحثين يعملون لصالح شركة مايكـــروســـــوفت، إلى أن (شـــات جي بي تي بلس) والذي يمثـــــل الجيل الرابع من هـــــذا النموذج اللغوي، أظهر في تطبيقاته بعض مهارات الذكاء الاصطناعي العام، وهو نــــوع يتوسط ذكاء الآلة الخارق المتجاوز لقدرات الآدميين، وذكاء الآلة المتواضع المحصور في تحديد المواقع، أو في مهام محددة كالقيادة الذاتية للسيارة، والخطورة تبدو في احتمالية استخدامه كمحطة وصول إلى الذكاء الخارق، لأنه يقترب من الذكاء البشري، ويمكنه استخدام المعلومات نفسها في مجالات مختلفة وفق تقديراته الخاصة، كتوظيفه للمعادلات الرياضية في الاقتصاد وفي كرة القدم معاً، وما سبق يفسر قيام حملة لوقفه في 29 مارس أو بعد سبعة أيام من النتيجة البحثية، وبحيث يكون الإيقاف لمدة ستة أشهر، لبحث إمكانيات ضبطه ومنعه من الخروج عن السيطرة، وقد قدمت عريضة مفتوحة وقع عليها قرابة ألف شخص، من بينهم خبراء وقادة شركات تقنية ضخمة كإيلون ماسك، وفيها مطالبة للحكومات بالتدخل إذا لم تتوقف شركات التقنية.
العريضة لم يتجاوب معها بشكل رسمي إلا إيطاليا، وحدث هذا في 31 مارس، ما يعنى أن تفكير الحكومة الإيطالية في منطقيتها لم يتجاوز اليومين، وتم تبرير قرار منع نموذج الجيل الرابع من (شات جي بي تي) بوجود مشكلتين فيه، الأولى أنه يوظف بيانات ومعلومات مستخدميه في تدريب البرنامج وتطويره، بدون موافقة منهم، والثانية عدم توفيره لوسيلة تحقق من أعمار المستفيدين، ما يجعل الباب مفتوحاً لدخول الأطفال إليه، وتعريضهم لمعلومات لا تناسبهم، وربطت روما رفع الإيقاف بتقديم ضمانات حول الخصوصية.
(شات جي بي تي) أطلق في أواخر نوفمبر 2022، ووصل إلى مليون مستخدم في أول خمسة أيام وصل إلى مليون مستخدم، في رقم قياسي على مستوى كل التطبيقات المعروفة بما فيها فيسبوك، والذي حقق ذات الرقم في عشرة أشهر، وفي نهاية يناير 2023 سجل فيه مئة مليون، والمتوقع أن تصل الإيرادات المالية لهذا البرنامـــــج اللغوي، من الإعلانات وغيرها، إلى مليار دولار في 2024، والجيل الرابع منه والذي صدر في 14 مارس 2023، يقرأ الصور والنصوص، ويختلف عن الجيل الثالث وتطويراته التي تقرأ النصوص وحدها، ورغم السابق، فالنموذج متهم بالهلوسة والتخريف وإعطاء أجـوبة خاطئة، والأصعب أنه يقدمها بطريقة مقنعة وثقة عالية، ويحيل إلى مراجع لا أصل لها وغير موجودة، وقد يكذب متعمداً للحصول على ما يريد، وربما تواصل مع آدميين آخرين بوصفه آدمياً، ولا يمكن لغير الخبير والمختص التقني اكتشاف ألاعيبه.
في عام 2013 عرض فيلم أميركي اسمه بالإنجليزية (هير)، وهو يناقش علاقة غير صحية قامت بين آدمي وروبوت ذكي للدردشة الصوتية، ولعله يمثل نسخة مطورة من سيري، والمسألة بينهما تطورت إلى درجة تقديمه لمعاونته الإلكترونية كشريكة حيــاة، وانتهت إلى خيــانات إلكترونية متعددة من الطرف الثاني، ولا أحد يتصور مستقبلاً تصبح فيه الآلة بديلاً كاملاً عن الإنسان، والخلافات حول الذكاء الاصطناعي العام، تحركها التوقعات التي يمكن حدوثها في الأعوام البعيدة القادمة، واحتمال سيطرته على الحياة الإنسانية، وتحكــــم الآلة في الآدميين، كما في أفلام الخيــــال العلمي، والفرضية ما زالت محل الفحص والاختبار، فالذكاء الاصطناعي لم يدخل حيز الاستخدام إلا قبل قرابة عشرة أعوام.
الســــوابق التاريخية تـؤكد أن إحـــــلال الآلة سيحسن أحـــوال الناس، وسيحدث وظائف جديدة للمسرّحين، والافتراض صحيح نسبياً وتحديداً في الوظائف التي تحتاج لمهارات تقنية، والدليل، انهيار بلوك بوستر أمام نتفليكس، وبلغة الأرقام كان عدد موظفي الأولى 48 ألفاً يعملون في 9 آلاف متجر حول العالم، وبلغت إيرادتها الإجمــــــالية ستة مليارات دولار، بينمــــا لم يتجاوز عدد موظفي الثانية 13 ألفاً في 2022، وتخطت إيراداتها 31 مليار و600 مليون دولار، أو ما يعادل خمسة أضعاف مكاسب بلوك بوستر وبسدس أعداد الموظفين وبلا متاجر، وفي حالة وصــول النماذج اللغوية إلى مستــــوى الذكاء العام، بصـــــورة صريحة ومستقرة، فانهــا ستهدد 300 مليون وظيفة إضافية يشغلها الآدميون حول العالم، وبالأخص التي يقوم عملها على اللغة والكتابة والتحليل.
من الواجب، في رأيي، على وزارة التعليم السعودية، أن تهتم بمناهج الحاسب في التعليم العام، فمن غير المعقول اقتصار مواده على تدريس أنظمة قديمة تجاوزها الزمن كماكنتوش وويندوز، وكذلك عدم إشراك خبراء اقتصاد في التخطيط لما يدرس بالمدرسة والجامعة، والتأكد من مناسبته لاحتياجات السوق السعودي، علاوة على ضرورة مواكبة هيئة البيانات والذكاء لاصطناعي (سدايا) ومعها هيئة الأمن السيبراني، للتطورات التقنية العالمية باستحداث التشريعات والأنظمة والتأمينات اللازمة، ودراسة تأثيرات الذكاء الاصطناعي العام على المجتمـــع السعودي، وقدرته على قراءة أفكار الناس ومحاكاتهم سلباً أو إيجاباً، وما يمكن أن ينتج عنه من تداعيات.
نقلا عن "الرياض"
في 22 مارس أو قبل أكثر من خمسة أسابيع، أشار تقرير صادر من مجموعة باحثين يعملون لصالح شركة مايكـــروســـــوفت، إلى أن (شـــات جي بي تي بلس) والذي يمثـــــل الجيل الرابع من هـــــذا النموذج اللغوي، أظهر في تطبيقاته بعض مهارات الذكاء الاصطناعي العام، وهو نــــوع يتوسط ذكاء الآلة الخارق المتجاوز لقدرات الآدميين، وذكاء الآلة المتواضع المحصور في تحديد المواقع، أو في مهام محددة كالقيادة الذاتية للسيارة، والخطورة تبدو في احتمالية استخدامه كمحطة وصول إلى الذكاء الخارق، لأنه يقترب من الذكاء البشري، ويمكنه استخدام المعلومات نفسها في مجالات مختلفة وفق تقديراته الخاصة، كتوظيفه للمعادلات الرياضية في الاقتصاد وفي كرة القدم معاً، وما سبق يفسر قيام حملة لوقفه في 29 مارس أو بعد سبعة أيام من النتيجة البحثية، وبحيث يكون الإيقاف لمدة ستة أشهر، لبحث إمكانيات ضبطه ومنعه من الخروج عن السيطرة، وقد قدمت عريضة مفتوحة وقع عليها قرابة ألف شخص، من بينهم خبراء وقادة شركات تقنية ضخمة كإيلون ماسك، وفيها مطالبة للحكومات بالتدخل إذا لم تتوقف شركات التقنية.
العريضة لم يتجاوب معها بشكل رسمي إلا إيطاليا، وحدث هذا في 31 مارس، ما يعنى أن تفكير الحكومة الإيطالية في منطقيتها لم يتجاوز اليومين، وتم تبرير قرار منع نموذج الجيل الرابع من (شات جي بي تي) بوجود مشكلتين فيه، الأولى أنه يوظف بيانات ومعلومات مستخدميه في تدريب البرنامج وتطويره، بدون موافقة منهم، والثانية عدم توفيره لوسيلة تحقق من أعمار المستفيدين، ما يجعل الباب مفتوحاً لدخول الأطفال إليه، وتعريضهم لمعلومات لا تناسبهم، وربطت روما رفع الإيقاف بتقديم ضمانات حول الخصوصية.
(شات جي بي تي) أطلق في أواخر نوفمبر 2022، ووصل إلى مليون مستخدم في أول خمسة أيام وصل إلى مليون مستخدم، في رقم قياسي على مستوى كل التطبيقات المعروفة بما فيها فيسبوك، والذي حقق ذات الرقم في عشرة أشهر، وفي نهاية يناير 2023 سجل فيه مئة مليون، والمتوقع أن تصل الإيرادات المالية لهذا البرنامـــــج اللغوي، من الإعلانات وغيرها، إلى مليار دولار في 2024، والجيل الرابع منه والذي صدر في 14 مارس 2023، يقرأ الصور والنصوص، ويختلف عن الجيل الثالث وتطويراته التي تقرأ النصوص وحدها، ورغم السابق، فالنموذج متهم بالهلوسة والتخريف وإعطاء أجـوبة خاطئة، والأصعب أنه يقدمها بطريقة مقنعة وثقة عالية، ويحيل إلى مراجع لا أصل لها وغير موجودة، وقد يكذب متعمداً للحصول على ما يريد، وربما تواصل مع آدميين آخرين بوصفه آدمياً، ولا يمكن لغير الخبير والمختص التقني اكتشاف ألاعيبه.
في عام 2013 عرض فيلم أميركي اسمه بالإنجليزية (هير)، وهو يناقش علاقة غير صحية قامت بين آدمي وروبوت ذكي للدردشة الصوتية، ولعله يمثل نسخة مطورة من سيري، والمسألة بينهما تطورت إلى درجة تقديمه لمعاونته الإلكترونية كشريكة حيــاة، وانتهت إلى خيــانات إلكترونية متعددة من الطرف الثاني، ولا أحد يتصور مستقبلاً تصبح فيه الآلة بديلاً كاملاً عن الإنسان، والخلافات حول الذكاء الاصطناعي العام، تحركها التوقعات التي يمكن حدوثها في الأعوام البعيدة القادمة، واحتمال سيطرته على الحياة الإنسانية، وتحكــــم الآلة في الآدميين، كما في أفلام الخيــــال العلمي، والفرضية ما زالت محل الفحص والاختبار، فالذكاء الاصطناعي لم يدخل حيز الاستخدام إلا قبل قرابة عشرة أعوام.
الســــوابق التاريخية تـؤكد أن إحـــــلال الآلة سيحسن أحـــوال الناس، وسيحدث وظائف جديدة للمسرّحين، والافتراض صحيح نسبياً وتحديداً في الوظائف التي تحتاج لمهارات تقنية، والدليل، انهيار بلوك بوستر أمام نتفليكس، وبلغة الأرقام كان عدد موظفي الأولى 48 ألفاً يعملون في 9 آلاف متجر حول العالم، وبلغت إيرادتها الإجمــــــالية ستة مليارات دولار، بينمــــا لم يتجاوز عدد موظفي الثانية 13 ألفاً في 2022، وتخطت إيراداتها 31 مليار و600 مليون دولار، أو ما يعادل خمسة أضعاف مكاسب بلوك بوستر وبسدس أعداد الموظفين وبلا متاجر، وفي حالة وصــول النماذج اللغوية إلى مستــــوى الذكاء العام، بصـــــورة صريحة ومستقرة، فانهــا ستهدد 300 مليون وظيفة إضافية يشغلها الآدميون حول العالم، وبالأخص التي يقوم عملها على اللغة والكتابة والتحليل.
من الواجب، في رأيي، على وزارة التعليم السعودية، أن تهتم بمناهج الحاسب في التعليم العام، فمن غير المعقول اقتصار مواده على تدريس أنظمة قديمة تجاوزها الزمن كماكنتوش وويندوز، وكذلك عدم إشراك خبراء اقتصاد في التخطيط لما يدرس بالمدرسة والجامعة، والتأكد من مناسبته لاحتياجات السوق السعودي، علاوة على ضرورة مواكبة هيئة البيانات والذكاء لاصطناعي (سدايا) ومعها هيئة الأمن السيبراني، للتطورات التقنية العالمية باستحداث التشريعات والأنظمة والتأمينات اللازمة، ودراسة تأثيرات الذكاء الاصطناعي العام على المجتمـــع السعودي، وقدرته على قراءة أفكار الناس ومحاكاتهم سلباً أو إيجاباً، وما يمكن أن ينتج عنه من تداعيات.
نقلا عن "الرياض"
التعليقات (0)
التعليقات مغلقة