الكاتب محمد الساعد: المدينة التي هجرها أهلها!
صحيفة المرصد: تحدث الكاتب محمد الساعد، عن المدينة التي هجرها أهلها في المملكة.
نموذج خاص
وقال الساعد في مقال له بعنوان "المدينة التي هجرها أهلها!"، المنشور بصحيفة "عكاظ":"في عام 2005، كُشف عن النية لإنشاء مدينة اقتصادية ثالثة في السعودية تأخذ من روح المدينتين السابقتين (الجبيل وينبع)، ولكنها ستقدم نموذجها الخاص في الحياة والتفاصيل اليومية".
ستائر الحياة
وأضاف:"أُطلق عليها (مدينة الملك عبدالله الاقتصادية)، ضمت المدينة ميناءً ضخماً، واستوردت نموذج البناء وفكرة البيع على الخارطة، والأراضي المطورة من الجوار"، مشيرا:"كانت فكرة طموحة وواعدة وتناسب ظرفها في تلك الأيام، كانت تريد أن تخترق ستائر الحياة التي عانت منها المدن التقليدية، وأن تقدم أسلوب معيشة أكثر انفتاحاً، وترفيهاً متقدماً عن غيرها".
تجرعت السم
وأكمل:"على الرغم من كونها مدينة حديثة، إلا أنها ارتكبت أعظم أخطائها وربما نقول إنها تجرعت السم الذي أماتها سريرياً حتى اليوم"، موضحا:"المدينة التي ادعت أنها ستكون مختلفة أحاطت نفسها بأسوار عالية وبوابات ضخمة، مدينة محصنة لا يدخلها إلا أهلها ومن تقبل بهم، أما غير ذلك فيبقون خارج الأسوار ويستأذنون قبل الدخول، وكأننا أمام أسوار مدن العصور الوسطى".
شبح مدينة
وزاد:"الفكرة التي أُريد لها أن تحافظ على خصوصيتها وفرادتها، قتلتها الأسوار والبوابات وعزلتها عن محيطها وفضائها"، مبينا:"اليوم وبعد حوالي العشرين عاماً، تبدو المدينة الاقتصادية كشبح مدينة تقاوم الاندثار، بلا هوية ولا طعم ولا لون ولا رائحة، فلا هي الجبيل وينبع، ولا هي كبماوند للأجانب يقيمون فيه في عزلة عن محيطهم، ولا هي مدينة سعودية عادية".
أسوار وأبواب
وأردف: من المفيد الإشارة إلى أن نموذج المدينة غريب، فهي تدار من قبل شركة، ولديها ملاك، لكن ذلك لم يفدها بل أنهكها، فلا الشركة قادرة على إدارة المدينة ولا تركتها لمن يستطيع إدارتها، لافتا: لقد أكد ذلك على أن المدن لا تديرها إلا الدول، ولعل أول الحلول التي يمكن طرحها، للاستفادة من توظيف استثمارات وصلت لعشرات المليارات، هو استعادة المدينة من الشركة وإسنادها لمؤسسات الدولة، وأن تكون محافظة ضمن محافظات منطقة مكة المكرمة، وهدم أسوارها التي خنقتها والأبواب التي أسرتها.
المؤتمرات والمعارض
واستطرد: فالمدينة والحق يقال لديها إمكانات هائلة، وموقعها فريد ولديها ميناء مهم، وبنية تحتية جيدة وأحياء راقية، وتحتضن كلية الأمير محمد بن سلمان ذات السمعة العلمية الرفيعة، و«مارينا» ومدينة صناعية مساندة، ومركزاً جيداً للمؤتمرات والمعارض، كل تلك الممكنات تستطيع أن تحيي المدينة من سباتها العميق.
رسوم خدمات
واستكمل: كما أن المصالحة بين سكان المدينة المتذمرين، وبين إدارتها (الحالية) أمر مطلوب، فبعض السكان هجروها ومن لم يهجرها فهم في الطريق إلى ذلك، كذلك الملاك يشتكي البعض منهم من عدم الاستماع لملاحظاتهم ومطالبهم، مع إجبارهم على دفع رسوم خدمات عالية، خاصة في الأحياء التي لم تسكن.
أسلوب حياة
ومضى: الصيغة التعاقدية التي بنيت عليها فكرة المدينة انتفت، فلا هي تقدم أسلوب حياة مختلفاً ولا هي نموذج فريد، بل إن المدن والمحافظات وحتى القرى السعودية الأخرى تجاوزتها من حيث جودة الحياة ومن حيث الانفتاح.
العلاقة التعاقدية
وتابع، قائلا:"إن إعادة النظر في العلاقة التعاقدية بين المدينة والسكان يجب أن تشابه المدن الأخرى، فالنموذج المقدم هجين وغير مفيد، فلا الأسوار العالية والبوابات مفيدة ولا الإصرار على النموذج القديم مفيد"، مردفا:"كما أن المدينة الاقتصادية جاهزة لكي تكون مقراً تعليمياً، وصحياً، وترفيهياً عالمياً، وتوظيفها للاستفادة من ممكناتها سيعيد وهجها مرة أخرى".
التعليقات (16)
التعليقات مغلقة