علي الجمل يكشف: كيف يدفع العناد السياسي الدول محدودة الإمكانيات والقدرات إلى الانهيار والفقر والدمار.. إيران نموذجًا
صحيفة المرصد: قال الكاتب والأخصائي النفسي السعودي "علي الجمل" يعد العناد السياسي من أخطر الممارسات في العلاقات الدولية، خاصة عندما تتبناه دول ذات إمكانيات محدودة أمام القوى العظمى. فبينما يراه بعض القادة تعبيرًا عن السيادة أو الصمود، إلا أنه في كثير من الأحيان يتحول إلى عامل دمار داخلي واستنزاف للموارد، ويقود البلاد إلى عزلة سياسية واقتصادية خانقة.
صعوبة مواجهة الدول الصغيرة الدول الكبرى
وأضاف الكاتب : إن الدول الكبرى تمتلك أدوات ضغط هائلة — اقتصادية، وعسكرية، ودبلوماسية — تجعل من الصعب على الدول الصغيرة أن تواجهها دون ثمن باهظ. وقد أثبت الواقع أن التمسك بالمواقف المتصلبة دون حساب دقيق للعواقب يؤدي في النهاية إلى خسائر تفوق أي مكاسب سياسية مؤقتة.
إيران مع الولايات المتحدة
وأشار قائلا: من أبرز الأمثلة على ذلك إيران، التي انتهجت على مدى أكثر من خمسين عامًا سياسة العناد والمواجهة مع الولايات المتحدة. هذه السياسة أرهقت الاقتصاد الإيراني، وأدت إلى عقوبات دولية قاسية وتجميد للأرصدة، وتدهور في معيشة الشعب الإيراني. وبعد عقود من الصراع، تبيّن أن النتائج لم تكن بمستوى التضحيات والخسائر.
فنزويلا و المجتمع الدولي
وتابع الكاتب : وكذلك الحال في فنزويلا، حيث اتخذ الرئيس نيكولاس مادورو موقفًا متعنتًا أمام المجتمع الدولي، رافضًا الإصلاحات الاقتصادية والسياسية، ما تسبب في انهيار اقتصادي حاد وتدهور للعملة ونزوح ملايين المواطنين. واليوم يواجه النظام الفنزويلي احتمال فقدان السيطرة أو حدوث انقلاب نتيجة تراكمات هذا العناد السياسي.
روسيا وأوكرانيا
ولفت الجمل قائلا: ولا يقتصر هذا السلوك على الدول الضعيفة فحسب؛ فحتى بعض القوى الكبرى قد تقع ضحية العناد السياسي.
فالرئيس الروسي فلاديمير بوتين اتخذ خلال السنوات الأخيرة مسارًا تصادميًا مع الغرب، خصوصًا بعد اندلاع الحرب في أوكرانيا. هذا الصراع الطويل والمكلف أدّى إلى عقوبات اقتصادية غير مسبوقة، وعزلة دولية متزايدة، واستنزاف ضخم للموارد الروسية. وإذا استمر هذا النهج دون حلول واقعية، فقد يؤدي إلى انهيار اقتصادي تدريجي يهدد بتفكك ما تبقى من الاتحاد الروسي، كما حدث في تسعينيات القرن الماضي بعد سقوط الاتحاد السوفيتي.
السياسي الناجح يعرف متى يتشدد ومتى يُلين
وأكد الجمل إن العناد السياسي لا يُقاس بالشجاعة ولا بالتمسك بالمبادئ فقط، بل بالحكمة والقدرة على الموازنة بين المكاسب والخسائر. فالقائد السياسي الناجح هو من يعرف متى يتشدد ومتى يُلين الموقف حفاظًا على مستقبل وطنه وشعبه.
أما الإصرار الأعمى على المواجهة، فهو طريق قصير نحو الانهيار والعزلة والدمار الاقتصادي.
العناد السياسي لا يبني الأوطان
وفي الختام، يعلّمنا التاريخ أن العناد السياسي قد يرفع الشعارات، لكنه لا يبني الأوطان.
فمن الحكمة أن تختار الدول طريق المرونة العقلانية والتفاوض الذكي، لا طريق العناد والمكابرة الذي لا يخلّف سوى الخسائر والندم.


التعليقات (62)
التعليقات مغلقة