التقارير النفسية.. باب يُستغل لتبرئة الجناة ونافذة فساد تهدد العدالة
صحيفة المرصد: أصبحت التقارير النفسية خلال السنوات الأخيرة إحدى أكثر الوسائل التي يُساء استخدامها للتهرب من العقاب، بعدما تحوّل بعضها – للأسف – من أداة علمية لتقييم الحالة العقلية بدقة إلى وسيلة يلجأ إليها بعض الجناة للادعاء بأنهم “غير مدركين” أو “غير مسؤولين” عن جرائمهم. ويتم ذلك عبر تقارير مزوّرة أو مختلقة تُنسب زورًا إلى مختصين، أو تُستخرج بطرق ملتوية تثير الشكوك حول صحتها ومصداقيتها.
ثقة المجتمع بالقضاء
هذا الانحراف في الاستخدام يمثّل نموذجًا خطيرًا للفساد الذي يضرب منظومة العدالة في صميمها، ويقوّض ثقة المجتمع بالقضاء، ويضاعف الألم على الضحايا وأسرهم. فالتقييم النفسي إجراء علمي رصين وموثوق، وُضع لضمان العدالة، لا ليكون مظلة لمن يحاول الإفلات من المسؤولية الجنائية.
عدم الإدراك حالة نادرة
ورغم أن عدم الإدراك حالة نادرة واستثنائية تُشبه الجنون الكامل، ولا تثبت إلا بوجود سلوكيات واضحة مثل فقدان السيطرة على النفس أو الانفصال عن الواقع، بالإضافة إلى سجل طويل من المراجعات النفسية، إلا أن بعض الجهات ما زالت تتساهل في إصدار تقارير “مرض نفسي” دون أي دلائل حقيقية أو سجلات طبية ثابتة.
أكبر الأخطاء الشائعة
ويُعد الخلط بين المرض النفسي و فقدان الإدراك أحد أكبر الأخطاء الشائعة. فهناك ملايين المرضى النفسيين حول العالم يعيشون حياة طبيعية، يمارسون أعمالهم، ويتخذون قراراتهم بإدراك كامل—ومرضهم لا يعفيهم من المسؤولية.
التملّص من العقاب
لكن ما يحدث اليوم هو استغلال هذا الباب للتملّص من العقاب، رغم أن الجاني في كثير من الحالات:
• كان مُدركًا تمامًا لأفعاله وقت ارتكاب الجريمة.
• لا يملك أي سوابق أو مراجعات نفسية قبل تنفيذ الجريمة .
• يحمل رخصة قيادة سارية تؤكد سلامة تمييزه.
• ويشغل وظيفة رسمية تشترط لياقة عقلية ونفسية كاملة.
الإدراك أو الأهلية
ومع ذلك، تظهر “فجأة” تقارير تدّعي فقدان الإدراك أو الأهلية، لينتهي الأمر بتبرئته من جريمته وخروجه من السجن!
الخطورة الحقيقية
هنا تكمن الخطورة الحقيقية: بعض المصحات النفسية بدأت تستغل هذه الثغرة عن قصد، وتصدر تقارير هدفها الوحيد إنقاذ الجناة من العقوبة، بدل تقديم تقييم علمي نزيه ومحايد. وهذه الممارسات تمثل فسادًا صريحًا يهدم أسس العدالة، ويهدر حقوق الضحايا، ويشجع على الإفلات من العقاب.


التعليقات (21)