رئيس التحرير : مشعل العريفي
 بدر بن سعود
بدر بن سعود

جرائم الدواء المغشوش

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

المملكة رائدة في مكافحة الغش التجاري، فقد صدر أول نظام يعاقب عليه قبل 62 عاماً، وكان ذلك في زمن الملك فيصل بن عبدالعزيز، والغش لم يتحول من مخالفة إلى جريمة إلا في النظام المعدل، الذي تم إقراره في 2008، ولعل وزارتي التجارة والشؤون البلدية وهيئة الغذاء والدواء تقوم بجهود مشكورة في التعامل معه، وأعتقد أن عقوبات الغرامة والحبس والتشهير مناسبة لمواجهته، ولكنها ورغم وجود نظام للتجارة الإلكترونية تتولاه وزارة التجارة، فإنها لا تعطي جرائم الغش الإلكتروني ما تستحقه من اهتمام، وتحديداً في مجالات بيع الأدوية والمستحضرات الحيوية والتجميلية على الإنترنت.

تاريخ الغش في الأدوية يعود إلى أيام الفراعنة في عام 1500 قبل الميلاد، وسوق الأدوية المغشوشة حول العالم قدرت قيمته بحوالى 200 مليار دولار في عام 2015، وما نسبته 50% من هذه الأدوية يباع بأسعار منافسة على الإنترنت. ووفق إحصاءات منظمة الصحة العالمية والإنتربول، فإن 90% من أدوية الإنترنت ليست أصلية ومجهولة المصدر، وربما احتوت على مواد خطيرة كالزئبق والزرنيخ والأسمنت، والأصعب وجود صيدليات سعودية معروفة تبيع منتجات الإنترنت، ومبيعاتها ليست مسجلة ولا تخضع للمواصفات والمقاييس المحلية.

الغش في الأدوية يشكل خطراً على الاقتصاد الوطني وصحة الناس، خصوصاً أن أكثر من مليون شخص في العالم يموتون بسببها سنوياً، بالإضافة إلى أن التقارير الأممية تقدر إيراداتها بما نسبته 15% من حجم سوق الدواء العالمي، والغش يشمل دواء واحدا من كل عشرة أدوية تباع في الدول النامية، ويعتبر من الجرائم المنظمة والخطيرة، وقد صادر الإنتربول، في فترة سابقة، أكثر من 500 طن من الأدوية المغشوشة في 26 دولة.

معظم الأدوية والمستحضرات المغشوشة على الإنترنت تنتج في الصين وشبه القارة الهندية، وفي أمريكا اللاتينية وأفريقيا، وارتفاع أسعار المنتجات الأصلية وندرتها في السوق النظامي يعتبران من أسباب شرائها، ويبدو هذا بصورة أوضح في أدوية القلب والضغط والسكري والسرطان، لأن استهلاكها يكون لمدد طويلة.

لن أتكلم عن جمعية حماية المستهلك، لأن وظيفتها لا تتجاوز دور المعقب أو الوسيط، أو ربما الباحث في قضايا الاستهلاك، ولا تقوم بمهمات رقابية أو تشريعية، ولا تترافع حتى باسم المستهلك أو تدافع عن حقوقه، وما دامت وزارة التجارة وهيئة الغذاء والدواء تحذران من الأدوية والمكملات المغشوشة، فلماذا لا تفعل الأدوات النظامية والرقابية لمنعها من الوصول إلى داخل المملكة، وأبسطها حجب مواقع بيع الدواء الإلكترونية، التي لا تلتزم بالاشتراطات والضوابط السعودية، بحسب ما ورد في نظام التجارة الإلكترونية، والفحص المعملي لمحتوى طرودها البريدية، وتطوير نظام التتبع الخاص بهيئة الغذاء والدواء المعروف باسم (رصد) ليشمل الأدوية المغشوشة على الإنترنت، ومعها التعجيل بتوطين صناعة الأدوية وفق رؤية 2030، وتسعيرها بمبالغ تجعلها في متناول أصحاب الدخل المحدود.

نقلا عن "عكاظ"

آخر تعليق

لا يوجد تعليقات

arrow up