رئيس التحرير : مشعل العريفي

بدر بن سعود يتحدث عن برنامج استقطــــاب المدارس العالمية في المملكة.. ويحذر: التعليم الأجنبي فكرة استعمارية

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

صحيفة المرصد: تحدث الكاتب الدكتور بدر بن سعود، عن برنامج استقطــــاب المدارس العالمية في المملكة، وأشار إلى أن "التعليم الأجنبي فكرة استعمارية".

المدارس العالميــة

وقال " بن سعود" في مقال له بعنوان "التعليم فكرة استعمارية "، المنشور بصحيفة "الرياض": عاشت مدينة الرياض السعودية أحداثاً مهمة خلال الفترة ما بين عامي 2021 و 2023ـ فقد قامت هيئتها الملكية باعتماد مجموعة من المدارس العالميــة الرائدة، أبرزها، مدرسة كينغز كوليدج البريطانية، صاحبة التصنيف العالمي الرفيـــع، والتي يقدر عمـــرها بنحو مئة وأربعين عـــاماً، ومدرسة (سيك) الإسبانية المقامة في 1892، ومدرسة (هاي) الفنلندية، ومدرسة (ون وورلد) السنغـــافورية العالمية، ومدرسة بيتشهول البريطانية، ويعود تاريخها إلى 1926، ويأتي السابق ضمن برنامج استقطــــاب المدارس العالمية، والذي تعمل عليه الهيئة بالشراكة مع وزارتي التعليم والاستثمار، وبما يحقق تعليــــماً عالي الجودة، ويضمن وجود برنامج إلزامي، لتدريس تراث وثقافة المملكة للطلبة السعوديين من الجنسين، وذلك في مراحل التعليم العام، وبحيث لا يتعارض ما سبق مع الطابع الدولي للمدارس، ولا بد من ملاحظة أن هذا النوع من المدارس لا يشمل مدارس الجاليات الأجنبية وتحديداً الأوروبية والأميركية التابعة لسفارات بلادها، وهذه وإن كانت تقبل بعض أبناء المواطنين، إلا أنها وبموجب الأعراف والاتفاقات الدولية، لا تخضع لأنظمة وزارة التعليم في المملكة، وبالتالي فمن يلحق أبناءه بها يتحمل التبعات.

المشرع السعودي

وأضاف: إلا أن التعليم العالمي أو الأجنبي لا يتوقف عند النموذجين السابقين، فقد تنبه المشرع السعودي باكراً لهذه المسألة، وأصدر نظاماً في 2001، يمكن للسعوديين من خلاله الاستثمار في التعليم الأجنبي، وقد اتسعت دائرته في الوقت الحالي، وأصبح يقبل بالشراكة ما بين الأجنبـي والمواطن، أو أن يقوم به الأجنبي منفرداً، والاختلاف في أن المدرسة تحمل اسماً عربياً، وتخضع لضوابط واشتراطات وزارتي التعليم والاستثمار، وفيها مواد تحفظ الهوية الوطنية واللغة العربية والدين، يتم استلامها من وزارة التعليم، ويقوم على تدريسها معلمون ومعلمات سعوديون.

تطلعات وشراكات

وأكمل: لكنها كذلك تأخذ بالمنهج البريطاني أو الأميركي في اختياراتها الدراسية، والأول يعتمد على اختبارات كامبريدج، أو على نظام (الآي بي)، ومعظم جامعات العالم تقبل بخريجي الأخير، ورغم هذا فالمنهج الأميركي هو الأكثر شيوعاً وانتشاراً في المملكة، لأنه يشبه التقسيمات السعودية في نظامه للمراحل الدراسيــة، ومن أشكاله منهج هاركورد، أو بيرسون، أو ماكميلان، أو ماغروهيل وغيرها، وكل مدرسة تختار ما يناسبها وفق تطلعاتها وشراكاتها وتوجهاتها الاستثمارية.

فكرة استعمارية

وزاد: التعليم الأجنبي إجمـــــالاً، فكرة استعمارية بدأها المفوض البريطاني اللورد (دوفرين) في 1882، وفي تلك الأيام كــــانت إزاحة اللغة العـــربية بأحمالها الثقافية والاجتماعية، جزءاً من سياسات الاستعمار الأوروبي، وبالأخص في البلدان العربية والإفريقية، وفرضت المدارس الأجنبية باسم المستعمر، وباللغة الإنجليــزية في مصر والسودان والعراق، وباللغـــة الفرنسية في لبنان وسوريا وتونس والجزائر والمغرب، بخلاف حرص المستعمر على محو الحضور العربي الفصيح في بعض الدول، كزنجبار وكينيا وأوغندا لصالح اللغة الإنجليزية، وبالتأكيد التركيز على اللغة في الحقبة الاستعمارية، كان لأغراض تكريس هويات المستعمرين وثقافتهم، وأتصور أن هذه الحالة انتهت برحيل المستعمر، ولكن الدول المستعمرة نفسها، لم تغادر محطة تأثرها بثقافة السيد الغازي، وكأنها أسيرة لمتلازمة استوكهولم، أو لغرام الضحية بالجلاد.

مشكلة في الهوية

وتابع: في العادة الأطفال في المدارس الأجنبية يعانون من مشكلة في الهوية، لأن ما يدرسونه لا يشبه الموجود في بيوتهم، ومن الأمثلة، تقبل المجتمعات العربية لما يعرف بـ(مسافة القوة) وتعني تقدير الطالب لسلطة الأب والمعلم، لأنه ليس متساوياً معهما في القوة، بينما في المجتمعات الاسكندنافية كفنلندا، تتساوى القوة بين الأطراف، ويتعامل الطالب بندية مع المعلم، ومع من هم أعلى منه في التراتبية الاجتماعية، والأمر يمتد ليشمـــل والديــه وعائلتــــه الصغيـــرة، لأنهم يتصورون أن هرمية التجيـــل تنطوي على قمع مبطن، ولا تناسب المجتمعات المتحضرة، ولا تخرج عالماً أو مفكـــراً أو مبدعاً، وتجعل الأشخاص مترددين أمام كل شيء، والشاهد أن أبرز وجوه حركة القوميين العرب، خرجت من الجـــامعة الأميركية في بيروت، وفي رأيي، الاختلاف مقبـــول في حــــدود الأدب، والعربـــي مجبول بطبعه على الاحترام والكرم، لمن يستحق، وكلاهما مفقود في المجتمعات الغربية، ويظهر أكثر في المجتمعات الآسيوية المتقدمة تعليمياً، كاليابان والصين.

المدارس العالمية

وختم: تبدو خطورة المدارس العالمية أو الأجنبية، في أنها تسهم في بناء الإطار المرجعي للطلبة، وخصوصاً خلال مرحلتـــي رياض الأطفـــال والتعليم الأسـاسي، وتدخل في ذلك منظـــومة القيم والمسلمات والتعميمات، والكيفيـــــة التي ننظر بها للآخر، ومقيـاس الجيد والسيئ، والعيب والمقبول، والصح والخطأ، وما يتشكـل في مراحل العمر المبكرة، يمتصه الطالب كالإسفنجة، ويصعب تغييره في فترة لاحقة، ومن ثم يتحول إلى أحكام قطعية وصادقة لا تقبل الجدل، والمعنى أن النظام القيمي المرجعي للطلبة يأتي نتيجة لما تعلموه في مدارسهم، الأجنبية أو العربية، وبالتالي يجب أن تكون أوزان المواد الدراسية العربية في المدارس الأجنبية كافية، وتعطي الجرعة المطلوبة لضمان استقرار الهوية الوطنية والدينية والاجتماعية، أو نترك الحلول الجاهزة والمعلبة وتسليع التعليم، لمن يرغب فيها، ونبتكر نموذجاً متفرداً يخاطب أولوياتنا الوطنية والاجتماعية، تماماً مثلما فعلت سنغافورة.

آخر تعليق

لا يوجد تعليقات

arrow up